قال بعضهم : خاطب كلا على قدره والموعظة الحسنة فيها ترغيب وترهيب. وقيل : الموعظة الحسنة ما اتعظت بها أولا ثم أمرت. سئل بعضهم : لم قدم الله تعالى الحكمة ؟ فقال : لأن الحكمة إصابة القول باللسان، وإصابة الفكرة بالجنان وإصابة الحركة بالأركان وأن تكلم بكلام بحكمة، وأن تفكر بفكر بحكمة. قال جعفر : الدعوة بالحكمة أن يدعوه من الله إلى الله بالله، والموعظة الحسنة أن يرى الخلق في أسر القدرة فيشكر من أجاب ويعذر من أبى. سمعت عبد الله الرازي يقول : سمعت أبا عثمان يقول : لا يكون الرجل حكيما حتى يكون حكيما في أفعاله، حكيما في أقواله، حكيما في أحواله، فإنه يقال له ناطق بالحكمة، ولا يقال له حكيما. قوله عز وجل :! ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) ! [ الآية : ١٢٥ ]. قال هي التي ليس فيها من حظوظ النفس شيء، ولا ترى أنه الممتنع من قبول الموعظة فتغضب عليه، إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله : فلا ينجع فيه قولك :! ( وهو أعلم بالمهتدين ) ! الموفقين الذين شرحت صدورهم بقبول ما أثبت به. قوله عز وجل :! ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) { < النحل :( ١٢٦ ) وإن عاقبتم فعاقبوا..... > > [ الآية : ١٢٦ ]. قال الجنيد : في قوله :! ( ولئن صبرتم ) ! فلم تعاقبوا لهو خير للصابرين التاركين العقوبة الذي أباح العلم فعلها بالأدب الذي يتبعه بالأمر ويلزمه بالترغيب إنه خير للصابرين. قال أبو سعيد الخراز : أخبر عن موضع الإباحة بالقصاص ونهى عن إمكان النفس من شهوتها وبلوغ مناها، وعرف أن الفضل في احتمال مؤن الصبر. يقول عز وجل :! ( ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) !.