وذلك أن الحق كشف له من أنباء ما قد سبق في الأمم الخالية والدهور الماضية فيكون منهم على علم، ولم يخف عليه من أحوالهم شيء، وأخفا حاله ووقته عن الكل بقوله :! ( وقد آتيناك من لدنا ذكرا ) ! [ الآية : ٩٩ ]. أي موعظة تتعظ بها، وتتأدب بملازمتها فلا تخفى عليك شيء من أسرارنا، وما أودعناه أسرار الذين كانوا قبلك من الأنبياء فيكون الأنبياء مكشوفين لك، وأنت في ستر الحق. قوله تعالى :! ( فيذرها قاعا صفصفا ) { < طه :( ١٠٦ ) فيذرها قاعا صفصفا > > [ الآية : ١٠٦ ]. قال الحسين : هو الذي يطمس الرسوم، ويعمى الفهوم ويميت الذهن، ويترك الجسم قاعاً صفصفاً حتى يعجز الكل عن معرفته، وبلوغ نفاذ قدرته، ثم يظهر من الطوالع ربوبيته على أسرار أهل معرفته فيعرفونه به. قوله تعالى :! ( وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا ) { < طه :( ١٠٨ ) يومئذ يتبعون الداعي..... > > [ الآية : ١٠٨ ]. قال الواسطي رحمه الله : وهل كانت إلا خاشعة في الأزل وهل تكون إلا خاشعة في الأبد، والإفتخار في حال الوجود بالتوثب، والمنازعة، وقاحة الوجه، ورعونه الطبع لأنها لم تكن وهي إذا كانت كأنها لم تكن. قال الجنيد رحمه الله : كيف لا يخشع وقد كشف الغطاء وأبدى الخفاء فلهيبة الموقف، وحياء الخيانات خشعت أصواتهم وذلت رقابهم. قوله تعالى :! ( يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا ) { < طه :( ١٠٩ ) يومئذ لا تنفع..... > > [ الآية : ١٠٩ ]. قال الواسطي في قوله : يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا به قال : أن لا ينسب إلى نفسه شيئاً، ولا يرى نعته فإذا عاين نعته نسي الأول، وإذا أظهر عليه رضوانه ذهب ما دونه، وقيل في قوله :! ( ورضي له قولا ) ! هو تولى إظهاره عليه، وجعله قائماً مغيباً عن شاهده حتى لا ينطق بحضرته من ذات نفسه. قال ابن عطاء : لا يحيطون بشيء من ربوبيته علماً لأنه لم يظهر شيئاً إلا تحت تلبيس لكن لا يستوي علمان في شيء واحد، ومن لا يرى الكل تلبيساً كان المكر فيه قريباً. قال الواسطي رحمه الله في قوله :! ( يومئذ ) ! الآية. قال : أن لا ينسب إلى نفسه