وقال أبو سعيد الخراز في كتاب درجات المريدين : ومنهم من جاوز نسيان حظوظ نفسه، فوقع في نسيان حظه من الله ونسيان حاجته إلى الله فهو يقول : لا أوركها أريد وما أقواه وما أنا ومن أين أنا، ضاع اسمي فلا اسم لي، وجهلت فلا علم لي، وضللت فلا جهل لي، وأسوق إلى من يعرف أقول فيساعدني فيما أقول، وإذا قيل لأحدهم ما تريد قال : الله وما تقول الله قال وما علمت قال : الله فلو تكلمت جوارحه لقالت : الله وأعضاؤه ومفاصله ممتلئة من نور الله المخزون عنده، ثم يصيرون في القرب إلى غاية لا يقدر أحد منهم أن يقول الله ؛ لأنه ورد في الحقيقة على الحقيقة ومن الله على الله ولا حيرة، ومعناه لا حيرة فيما فيه الحيرة. وسُئل الحسين بن منصور هل ذكره أحد على الحقيقة فقال : كيف يذكر على الحقيقة من لا أمد لكونه ولا علة لفعله ليس له كدُّك، ولا لغيبه هدَّك له من الأسماء معناها والحروف مجراها إذ الحروف مبدوعة والأنفاس مصنوعة، والحروف قول القائل تنزغن ذلك من الأحوال خلقة، رجع الوصف في الموصف، وعمى العقل عن الفهم، والفهم عن الدرك، والدرك عن الاستنباط، ودار المُلكُ في الملِك، وانتهى المخلوق إلى