﴿ إِنَّا كَفَيْنَـاكَ الْمُسْتَهْزِءِينَ ﴾ الجمهور على أنها نزلت في خمسة نفر كانوا يبالغون في إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلّم والاستهزاء به فأهلكهم الله وهم الوليد بن المغيرة مر بنبّال فتعلق بثوبه سهم فأصاب عرقاً في عقبه فقطعه فمات، والعاص ابن وائل دخل في أخمصه شوكة فانفتخت رجله فمات، والأسود بن عبد المطلب عمي، والأسود ابن عبد يغوث جعل ينطح رأسه بالشجرة ويضرب وجهه بالشوك حتى مات، والحارث بن قيس امتخط قيحاً ومات ﴿ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَـاهًا ءَاخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ عاقبة أمرهم يوم القيامة ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ﴾ [الحجر : ٩٧] فيك أو في القرآن أو في الله ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّـاجِدِينَ ﴾ [الحجر : ٩٨] فافزع فيما نابك إلى الله والفزع إلى الله هو الذكر الدائم وكثرة السجود يكفك ويكشف عنك الغم ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ ﴾ [الحجر : ٩٩] ودم على عبادة ربك ﴿ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر : ٩٩] أي الموت يعني ما دمت حياً فاشتغل بالعبادة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا حزَّبه أمر فزع إلى الصلاة.
٤٠٢
سورة النحل
مكية، وهي مائة وثمان وعشرون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
كانوا يستعجلون ما وعدوا من قيام الساعة ونزول العذاب بهم يوم بدر استهزاء وتكذيباً بالوعيد فقيل لهم﴿ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ ﴾ [النحل : ١] أي هو بمنزلة الآتي الواقع وإن كان منتظراً لقرب وقوعه ﴿ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَـانَهُ وَتَعَـالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [النحل : ١] تبرأ جل وعز عن أن يكون له شريك وعن إشراكهم، فما موصولة أو مصدرية واتصال هذا باستعجالهم من حيث إن استعجالهم استهزاء وتكذيب وذلك من الشرك ﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَـائكَةَ ﴾ [النحل : ٢] وبالتخفيف مكي وأبو عمرو ﴿ بِالرُّوحِ ﴾ بالوحي أو بالقرآن لأن كلا منهما يقوم في الدين مقام الروح في الجسد أو يحيي القلوب الميتة بالجهل ﴿ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا ﴾ [النحل : ٢] أن مفسرة لأن تنزيل الملائكة بالوحي فيه معنى القول ومعنى أنذروا ﴿ أَنَّهُ لا إِلَـاهَ إِلا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾ [النحل : ٢] أعلموا بأن الأمر ذلك من نذرت بكذا إذا علمته والمعنى أعلموا الناس قولي لا إله إلا أنا فاتقون فخافون.
وبالياء يعقوب، ثم دل على وحدانيته وأنه لا إله إلا هو بما ذكر مما لا يقدر عليه غيره من خلق السماوات والأرض وهو قوله
٤٠٣
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٠٣