سورة الكوثر
مكية وهي ثلاث آيات

بسم الله الرحمن الرحيم

جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥٦٣
﴿ إِنَّآ أَعْطَيْنَـاكَ الْكَوْثَرَ ﴾ [الكوثر : ١] هو فوعل من الكثرة وهو المفرط الكثرة، وقيل : هو نهر في الجنة أحلى من العسل، وأشد بياضاً من اللبن، وأبرد من الثلج، وألين من الزبد، حافتاه الزبرجد وأوانيه من فضة، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : هو الخير الكثير فقيل له : إن ناساً يقولون هو نهر في الجنة فقال : هو من الخير الكثير ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ ﴾ [الكوثر : ٢] فاعبد ربك الذي أعزك بإعطائه وشرفك وصانك من منن الخلق مراغماً لقومك الذين يعبدون غير الله ﴿ وَانْحَرْ ﴾ لوجهه وباسمه إذا نحرت مخالفاً لعبدة الأوثان في النحر لها ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ ﴾ [الكوثر : ٣] أي من أبغضك من قومك بمخالفتك لهم ﴿ هُوَ الابْتَرُ ﴾ [الكوثر : ٣] المنقطع عن كل خير لا أنت، لأن كل من يولد إلى يوم القيامة من المؤمنين فهم أولادك وأعقابك، وذكرك مرفوع على المنابر وعلى لسان كل عالم وذاكر إلى آخر الدهر، يبدأ بذكر الله ويثني بذكرك، ولك في الآخرة ما لا يدخل تحت الوصف، فمثلك لا يقال له أبتر إنما الأبتر هو شانئك المنسي في الدنيا والآخرة.
قيل : نزلت في العاص بن وائل سماه الأبتر، والأبتر الذي لا عقب له وهو خبر " إن " و " هو " فصل.
٥٦٤
سورة الكافرون
ست آيات مكية

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ قُلْ يَـا أَيُّهَا الْكَـافِرُونَ ﴾ [الكافرون : ١] المخاطبون كفرة مخصوصون قد علم الله أنهم لا يؤمنون.
روي أن رهطاً من قريش قالوا : يا محمد هلم فاتبع ديننا ونتبع دينك تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، فقال : معاذ الله أن أشرك بالله غيره، قالوا : فاستلم بعض آلهتنا نصدقك ونعبد إلهك فنزلت، فغدا إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقرأها عليهم فآيسوا ﴿ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ﴾ [الكافرون : ٢] أي لست في حالي هذه عابداً ما تعبدون ﴿ وَلا أَنتُمْ عَـابِدُونَ ﴾ [الكافرون : ٣] الساعة ﴿ مَآ أَعْبُدُ ﴾ [الكافرون : ٣] يعني الله ﴿ وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ ﴾ [الكافرون : ٤] ولا أعبد فيما أستقبل من الزمان ما عبدتم ﴿ وَلا أَنتُمْ ﴾ [الأعراف : ٤٩] فيما تستقبلون ﴿ عَـابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ ﴾ [الكافرون : ٣] وذكر بلفظ ما لأن المراد به الصفة أي لا أعبد الباطل ولا تعبدون الحق، أو ذكر بلفظ " ما " ليتقابل اللفظان ولم يصح في الأول " من " وصح في الثاني " ما " بمعنى " الذي " ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ ﴾ [الكافرون : ٦] لكم شرككم ولي توحيدي، وبفتح الياء : نافع وحفص، وروي أن ابن مسعود رضي الله عنه دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلّم جالس فقال له : نابذ يا ابن مسعود فقرأ ﴿ قُلْ يَـا أَيُّهَا الْكَـافِرُونَ ﴾ ثم قال له في الركعة الثانية : أخلص.
فقرأ ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص : ١] فلما سلم، قال يا ابن مسعود سل تجب والله أعلم.
٥٦٥


الصفحة التالية
Icon