سورة سبأ
أربع وخمسون آية مكية
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٥٧
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٥٨
﴿الْحَمْدُ﴾ الألف واللام لاستغراق الجنس واللام للتمليك والاختصاص إلى جميع أفراد المدح والثناء والشكر من كل حامد ملكتعالى ومخصوص به لا شركة لأحد فيه لأنه الخالق والمالك كما قال :﴿الَّذِى لَهُ﴾ خاصة خلقاً وملكاً وتصرفاً بالإيجاد والإعدام والإحياء والإماته ﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ﴾ أي : جميع الموجودات فإليه يرجع الحمد لا إلى غيره وكل مخلوق أجرى عليه اسم المالك فهو مملوك له تعالى في الحقيقة وإن الزنجي لا يتغير عن لونه لأن سمي كافوراً والمراد على نعمه الدنيوية فإن السموات والأرض وما فيها خلقت لانتفاعنا فكلها نعمة لنا ديناً ودنيا فاكتفى بذكر كون المحمود عليه في الدنيا عن ذكر كون الحمد أيضاً فيها وقد صرح في موضع آخر كما قال :﴿لَهُ الْحَمْدُ فِى الاولَى وَالاخِرَةِ﴾ (القصص : ٧٠) وهذا القول أي : الحمدالخ وإن كان حمداً لذاته بذاته لكنه تعليم للعباد كيف يحمدونه ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِى الاخِرَةِ﴾ بيان لاختصاص الحمد الأخروي به تعالى أثر بيان اختصاص الدنيوي به على أن الجار متعلق إما بنفس الحمد أو بما تعلق به الخبر من الاستقرار وإطلاقه عن ذكر ما يشعر بالمحمود عليه ليعم النعم الأخروية كما في قوله :﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى صَدَقَنَا وَعْدَه وَأَوْرَثَنَا الارْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ﴾ (الزمر : ٧٤) وقوله :﴿الَّذِى أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ﴾ (فاطر : ٣٥) الآية وما يكون ذريعة إلى نيلها من النعم الدنيوية كما في قوله :﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى هَدَاانَا لِهَاذَا﴾ (الأعراف : ٤٣) أي : لما جزاؤه هذا من الإيمان والعمل الصالح.
يقال يحمده أهل الجنة في ستة مواضع :
أحدها : حين نودي ﴿وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ﴾ (يس : ٥٩) فإذا يميز المؤمنون من الكافرين يقولون :﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى نَجَّاانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (المؤمنون : ٢٨) كما قال نوح عليه السلام حين أنجاه الله من قومه.
والثاني : حين جاوزوا الصراط قالوا :﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ (فاطر : ٣٤).
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٥٨