روى) إن جميع ما أنزل الله من كتاب مائة وأربعة كتب أنزل على آدم عليه السلام عشر صحف حروف التهجي صحيفة منها وعلى شيت عليه السلام خمسين صحيفة وعلى إدريس عليه اسلام ثثين صحيفة وعلى إبراهيم عليه السلام عشر صحائف والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان فصحف موسى هي الألواح التي كتبت فيها التوراة كذا قال الامام وفي التيسير صحف شيت وهي ستون وصحف إبراهيم وهي ثلاثون وصحف موسى قبل الوراة وهي عشر والتوراة والإنجيل والزبور والقرآن وكان في صحف إبراهيم ينبغي للعاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أن يكون حافظاً للسانه عارفاً بزمانه مقبلاً على شانه وأيضاً الخروج عما سوى الله بنعت التجريد كما قال إني بريء مما تشركون والإقبال على الله لقوله يو جهت وجهي للذي فطر السموات والأرض ونقل من صحف موسى يقول الله يا ابن آدم اعمل لنفسك قبل نزول الموت بك ولا تغرنك المطية فإن على آثارها السفر ولا تلهينك لحياة وطول الأمل عن التوبة فإنك تندم على تأخيرها حين لاي نفعك الندم يا ابن آدم إذا لم تخرج حقي من مالي الذي رزقتك إياه ومنعت منه الفقراء حقوقهم سلطت عليك جباراً يأخذه منك ولا أثيبك عليه وفي صحف موسى أيضاً سرعة الشوق إلى جماله والندم على الوقوف في المقامات عند تعريف الصفات لقوله إني تبت إليك وأنا أول المؤمنين وفي المؤمنين وفي التيسير دل الكلام على قول الامام الأعظم رحمه الله إن قراءة القرآن بالفارسية في الصلاة صحيحة وهو قرآن بأي لسان قرىء لأنه جعل هذا المذكور مذكوراً في تلك الصحف ولذلك قال وإنه لفي زبر الأولين ولا شك إنه لم يكن فيها بهذا النظم وبهذه اللغة وكان قرآناً لأن العبرة بالمعني والألفاظ ظروف وقوالب لها انتهى.
وفيه تأييد لمن جوز نقل الحديث بالمعنى وعن عائشة رضي الله عنها، قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقرأ في الركعتين اللتين يوتر بعدهما بسبح اسم ربك الأعلى، وقل
٤١١
يا أيها الكافرون، وفي الوتر بقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وبه عمل الشافعي ومالك رحمهما الله، وما عند أبي حنيفة وأحمد والمستحب في الثالثة الإخلاص فقط.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٠٢
تفسير سورة الغاشية
ست وعشرون آية مكية
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤١١
﴿هَلْ أَتَااكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ قال قطرب من أئمة النحو أي قد جاءك يا محمد حديث الغاشية قال المولى أبو السعود رحمه الله في "الإرشاد" وليس بذاك بل هو استفهام أريد به التعجيب مما في حيزه والتشويق إلى استماعه والإشعار بأنه من الأحاديث البديعة التي حقها إن يتناقلها الرواة ويتنافس في تلقيها الوعاة من كل حاضر وباد والغاشية الداهية الشديدة التي تغشى الناس بشدائدها وتكتنفم بِوالها وهي القيامة كما قال تعالى :﴿يَوْمَ يَغْشَااهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ وقال يوماً كان شره مستطيراً يقال غشيه يغشاه أي غطاه وكل ما أحاط بالشيء من جميع جهاته فهو عاش له وجوه يومئذٍ خاشعة} استئناف وقع جواباً عن سؤال نشأ عن الاستفهام التشويقي كأنه قيل من جهته عليه السلام ما أتاني حديثها ما هو فقيل وجوه يومئذٍ وهو ظرف لما بعده من الأخبار الثلاثة أي يوم إذ غشيت تلك الداهية الناس فإن الخشوع والخضوع والتطامن والتواضع كلها بمعنى ويكنى بالجميع عما يعترى بالإنسان من الذل والخزي والهوان فوجوه مبتدأ ولا بأس بتنكيرها لأنها في موقع التنويع وخاشعة خبره قال الشيخ لعل وجه الابتداء بالنكرة كون تقدير الكلام أصحاب وجوه بالإضافة إلا أن الخشوع والذل لما كان ظهر في الوجه حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وإنما قلنا إن الذل يظهر في الوجه لأنه ضد التكبر الذي محله الرأس والدماغ والمراد بأصحابا لوجوه هم الكفار بدلالة ماب عده من الأوصاف
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤١٢
﴿عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ﴾ خبر إن آخران لوجوه إذا المراد بها أصحابها كما أشير إليه آنفاً والنصب التعب والناصبة التعبة يقال نصب نصباً من باب علم إذا تعب في العمل والمعنى تعمل أعمالاً شاقة تتعب فيها لأنها تكبرت عن العمل في الدنيا فاعملها الله في أعمال شاقة وهي جر السلاسل والإغلال الثقيلة كما قال في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً والخوض في النار خوض الإبل في الوحل أي الطين الرقيق والصعود في تلال النار والهبوط في وهادها وقال بعضهم : خشوع الظاهر ونصب الأبدان لا يقربان إلى الله تعالى بل يقطان عنه وإنما يقرب منه سعادة الأزل وخشوع السر من هيبة الله وهو الذي يمنع صاحبه من جميع المخالفات فالرهبانية والفلاسفة وأضرابهم من أهل الكفر والبدع والضلال إنما يضربون حديداً بارداً ويتعبون أنفسهم في طريق الهوى والسعي فيه ﴿تَصْلَى﴾ تدخل ﴿نَارًا﴾ وتذوق ألمها ﴿حَامِيَةً﴾ أي متناهية في الحر وقد أوقدت ثلاثة آلاف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة وهو
٤١٢