تفسير سورة العصر
ثلاث آيات مكية أو مدنية
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٠٤
والعصر} اقسم سبحانه بصلاة العصر فإنه كثير إما يطلق العصر ويراد صلاته وذلك لفضلها الباهر لكونها وسطى لتوسطها بين الشفع الذي هو صلاة الظهر وبين الوتر النهاري الذي هو صلاة المغرب فإنها لما توسطت بين الطرفين اتصفت بالوصفين وظهرت بالحكمين وتحققت بالكمالين كما هو حكم البراخ فحصل لها من القدر ما لم يكن لكل واحد من الطرفين وأيضاً إن أوقات أوائل الصلوات الأربع محدودة إلا اعصر يعني أن أول صلاة العصر غير محدود بالحد المحقق ففيه سر التنزيه عن التقييد بالحدود ولذا شرع التكبير في الصلاة لأن الله تعالى منزه عن التقييد بأوضاع الصلاة وحركات المصلى قال بعض الكبار صلاة العصر بركعاتها الأربع إشارة إلى التعينات الأربعة الذاتية والإسمائية والصفاتية والافعالية في مرتبة الجال الكوني بالفعل كما أن الظهر إشارة إليها في مرتبة الجمال الإلهي بالفعل ولا شك أن الإنسان كون جامع ففي العصر إشارة إليه وفي الحديث من فاتته صلاة العصرفكأنما وتر أهله وماله أي نقص أي ليكن من فوتها حذراً كما يحذر من ذهاب أهله وماله وسر الوعيد أن التكليف في أداء صلاة العصر أشق لتهافت الناس في تجاراتهم ومكاسبهم واشتغالهم بمعايشهم آخر النهار لبرد الهواء حينئذٍ لا سيما في أرض الحجاز فالكسب الحاصل في ذلك الوقت مع السهو عن الصلاة في حكم الخسران وسبب للخذلان.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٠٥
حكى) أن امرأة كانت تصيح في سكك المدينة وتقول دلوني على النبي عليه السلام فرآها رسول الله صلى الله عليه وسلّم فسألها ماذا حدث قالت يا رسول الله إن زوجي غاب عني فزنيت فجاءني ولد من الزنى فألقيت الولد في دن من الخل حتى مات ثم بعنا ذلك الخل فهل لي من توبة فقال عليه السلام إما الزنى فعليك الرجم بسببه وإما القتل فجزاؤه جهنم وإما بيع الخل فقد ارتكبت به كبيرة لكن ظننت إنك
٥٠٥
تركت صلاة العصر ويقال إن الله تعالى أقسم بوقت العصر نفسه كما أقسم بالفجر فقد خلق فيه أصل البشر آدم عليه السلام فكان له شرف زائد على غيره ويقال اقسم بالعشى الذي هو ما بين الزوال والغروب كما سم بالضحى لما فيها جميعاً من دلائل القدرة ويقال اقسم بعصر النبوة الذي مقداره فيما مضى من الزمان مقدار وقت العصر من النهار وهو زمان بعثته إلى انقراض أمته في آخر الزمان وهو ألف سنة كما قال عليه السلام : إن استقامت أمتي فلها يوم وإن لم تستقم فلها نصف يوم وفضل هذا العصر على سائر الأعصار ظاهر لأنه عصر خير الأنبياء والمرسلين وعصر خير الأمم وخير الكتب الإلهية وفيه ظهر تمام الكمالات تفصيلاً ويقال اقسم بالدهر لانطوائه على أعاجيب الأمور القارة والمارة وللتعريض بنفي ما يضاف إليه من الخسران فإن الإنسان يضيف المكاره والنوئاب إليه ويحيل شقاوته وخسرانه عليه والأقسام بالشيء إعظام له وما يضاف إليه الخسران لا يعظم عادة وقد قال عليه السلام : لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر فاقسم الله بالدهر لأنه بالنسبة إلى الفهم العام محل شهود الآيات الإلهية كالليل والنهار والشمس والقمر والنجوم وغيرها وبالنسبة إلى الفهم الخاص مظهر التجليات الإلهية لظهوره تعالى بصفته وأفعاله في مظهره فلما كان العصر جامعاً لجميع الآيات التي أقسم الله بها في القرآن كقوله تعالى ﴿وَالْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ﴾، وقوله تعالى : والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها، وقوله تعالى : والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى، وقوله تعالى : والضحى والليل إذا سجا ختم الله بقسم العصر أقسام جميع القسم.
وفي التأويلات النجمية : أقسم الله بكمال دوامه الزمان واستمراره لاشتماله على ولاية النبي عليه السلام ونبوته ورسالته وخلافته لقوله كنت نبياً وآدم بين الماء والطين أي بين ماء العلم وطين المعلوم ولقوله نحن الآخرون السابقون ولقوله حكاية عن الله سبحانه لولاك لما خلقت الأفلاك ولقوله أنا من الله والمؤمنون مني ويقوى هذه الأحاديث، قوله تعالى : الحمدرب العالمين إن الإنسان} التعريف للجنس يعني الاستغراق بدلالة صحة الاستثناء من الإنسان فإن صحة الاستثناء من جملة أدلة العموم والاستغراق ﴿لَفِى خُسْرٍ﴾ الخسر والخسران معناه النقصان وذهاب رأس المال في حق جنس الإنسان هو نفسه وعمره والتنكير للتفخيم أي لفي خسران عظم لا يعلم كنهه إلا الله في متاجرهم وصرف أمارهم في مباغيهم يعني هر آينه در زيبند بصرف أعمار در مطالب نا يدار.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٠٥
مده به بيهده نقد عزيز عمر بدست.
كه س زيان كنى ومرترا ندارد بود.