تفسير سورة الإخلاص
أربع أو خمس آيات مكية أو مدينة
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٣٥
﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ الضمير للشأن كقولك هو زيد منطلق وارتفاعه بالابتداء وخبره الجملة ولا حاجة إلى العائد لأنها عين الشان الذي عبر عنه بالضمير أي الله أحد هو الشأن هذا أو هو أن الله أحد والسر في تصدير الجملة به التنبيه من أول الأمر على فخامة مضمونها مع أن في الإبهام ثم التفسير مزيد تقرير أو الضمير لما سئل عنه أي الذي سألتم عنه هو الله إذ روى إن المشركين قالوا للنبي عليه السلام، صف لنا ربك الذي تدعونا إليه وأنسبه أي بين نسبه وذاكره فنزلت يعني بين الله نسبه بتنزيهه عن النسب حيث نفى عنه الوالدية ولمولودية والكفاءة فالضمير حينئذٍ مبتدأوخبره واحد بدل منه وإبدال النكرة المحضة من المعرفة يجوز عند حصول الفائدة على ما ذهب إليه أبو علي وهو المختار والله أعلم.
دال على الإله الحق دلالة جامعة لمعاني الأسماء الحسنى كلها.
وقال القاشاني : هو عندنا اسم الذات الإلهية من حيث هي هي أي المطلقة الصادق عليها مع جميعها أو بعضها أو لا مع واحد منها كقوله تعالي :﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ انتهى.
وعبد الله هو العبد الذي تحلى بجميع أسمائه فلا يكون في عباده أرفع مقاماً وأعلى شأنا منه لتحققه بالاسم الأعظم واتصافه بجميع صفاته وهذا خص نبينا عليه السلام، بهذا الاسم في قوله وإنه لما قام عبد الله يدعوه فلم يكن هذا الاسم بالحقيقة إلا له وللأطاب من ورثته بتبعيته وإن أطلق على غيره مجازاً لاتصاف كل اسم من أسمائه بجميعها بحكم الواحدية واحدية جميع الأسماء والأحد اسم لمن لا يشاركه شيء في ذاته كما أن الواحد اسم لمن لا يشاركه شيء في صفاته يعني أن الأحد هو الذات وحدها بلا اعتبار كثرة فيها فأثبت له الأحدية التي هي الغنى عن كل ما عداه وذلك من حيث عينه وذاته من غير اعتبار أمر آخر والواحد هو الذات مع اعتبار كثرة الصفات وهي الحضرة الإسمائية ولذا قال تعالى : إن إلهكم لواحد ولم يقل لأحد لأن الواحدية من أسماء التقييد فبينها وبين الخلق ارتباط أي من حيث الآلهة والمألوهية بخلاف الأحدية إذ لا يصح ارتباطها بشيء فقولهم العلم الإلهي هو العلم بالحق من حيث الارتباط بينه وبين الخلق وانتشاء العالم منه بقدر الطاقة البشرية إذ منه ما لا تفيه الطاقة البشرية وهو ما وقع به الكمل في ورطة الحيرة وأقروا بالعجز عن حق المعرفة ومنه يعلم أن توحيد الذات مختص في الحقيقة بالله تعالى وعبد الأحد هو وحيد الوقت صاحب الزمان الذي له القطبية الكبرى والقيام بالأحدية الأولى وعبد الواحد هو الذي بلغه الله الحضرة الواحدية وكشف له عن أحدية جميع أسمائه فيدرك ما يدرك ويفعل ما يفعل بأسمائه ويشاهد وجود أسمائه الحسنى قال
٥٣٦
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٣٦