القرآن
﴿)وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقرة: ١١٤)
التفسير: ـ
{ ١١٤ ﴾
قوله تعالى: ﴿ ومن أظلم ﴾: ﴿ من ﴾ اسم استفهام؛ وهي مبتدأ؛ و﴿ أظلم ﴾ خبرها؛ والاستفهام هنا بمعنى النفي؛ يعني لا أحد أظلم؛ والميزان الذي يبيِّن أن الاستفهام بمعنى النفي أنك لو حذفت الاستفهام، وأقمت النفي مقامه لصح؛ والفائدة من تحويل النفي إلى الاستفهام أنه أبلغ في النفي؛ إذ إن الاستفهام الذي بمعنى النفي مشرب معنى التحدي؛ كأنه يقول: بيِّنوا لي أيّ أحد أظلم من كذا وكذا.
وقوله تعالى: ﴿ أظلم ﴾ اسم تفضيل من الظلم؛ وأصله في اللغة النقص؛ وهو أن يفرط الإنسان فيما يجب؛ أو يعتدي فيما يحرم؛ ويدل على هذا قوله تعالى: ﴿كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئاً﴾ [الكهف: ٣٣] أي لم تنقص؛ وهو في الشرع بهذا المعنى؛ لأن الظلم عبارة عن تفريط في واجب، أو انتهاك لمحرم ــــ وهذا نقص
قوله تعالى: ﴿ ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ﴾: «مِن» حرف جر؛ و﴿ مَن ﴾ اسم موصول؛ أي من الذي منع؛ وأضيفت المساجد إلى الله عز وجل؛ لأنها محل عبادته؛ فتكون الإضافة هنا من باب التشريف.
وقوله تعالى: ﴿ مساجد الله ﴾ منصوب على أنه مفعول ﴿ منع ﴾؛ و﴿ أن يذكر فيها اسمه ﴾ بدل منه.
قوله تعالى: ﴿ وسعى في خرابها ﴾ معطوف على ﴿ منع ﴾؛ يعني جمع وصفين: منع المساجد أن يذكر فيها اسمه؛ والسعي في خرابها؛ والخراب هو الفساد، كما قال تعالى: ﴿يخربون بيوتهم بأيديهم﴾ [الحشر: ٢].
قوله تعالى: ﴿ أولئك ﴾ اسم إشارة يعود إلى الذين منعوا مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، وسعوا في خرابها؛ ﴿ ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين ﴾ يحتمل ثلاثة معان:


الصفحة التالية
Icon