تفسير سورة الطور
﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ البسملة تقدم الكلام عليها، ﴿والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور﴾ هذه أشياء أقسم الله بها، الأول: الطور وهوالجبل الذي كلم الله عليه موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام، فإن الله تعالى كلمه أول ما كلمه على جبل الطور، فكان لهذا الجبل من الشرف والفضل ما سبق به غيره من الجبال، ولهذا أطلق كثير من العلماء أن جبل الطور أفضل الجبال وأشرفها، وعلى هذا يكون أشرف وأفضل من جبل حراء الذي ابتدأ فيه الوحي لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، هذا ظاهر إطلاق كثير من العلماء، ولكن في هذا الظاهر نظراً، لأن جبل حراء كُلِّم منه الرسول عليه الصلاة والسلام لكن كلمه جبريل عليه السلام مرسلاً من عند الله، فمنه ابتدأت أفضل الرسالات على أفضل الرسل، وأيضاً حراء داخل الحرم المكي، لأنه من الحرم الذي لا يحل صيده ولا قطع شجره، وبقعة الحرم أفضل البقاع، ويمكن أن يحمل إطلاق كثير من العلماء على هذا، فيقال: إلا جبل حراء ﴿وكتاب مسطور في رق منشور﴾ الكتاب المسطور في الرق، اختلف فيه العلماء، وهذا الخلاف ينبني على كلمة (رق) هل الرق كل ما يكتب فيه من جلد وورق وعظم وحجر وغير ذلك؟ أو هو خاص بما يكتب فيه من جلود ونحوها؟ إن قلنا بالأول صار المراد بالكتاب عدة أشياء، منها اللوح المحفوظ، ومنها الكتب التي بأيدي الملائكة، ومنها القرآن الكريم، ومنها التوراة، فيشمل عدة كتب، وإذا قلنا إن الرق هوالورق وشبهه مما يكتب فيه عادة، فاللوح المحفوظ لا يدخل في هذا، وإنما المراد به إما التوراة، وإما القرآن، فالذين قالوا: إنه التوراة رجحوا قولهم بأنه قرن بالطور، والطور هو الذي كلَّم منه موسى عليه الصلاة والسلام، فكان الكتاب المسطور هو التوراة التي جاء بها موسى، ومن قال: إن المراد به القرآن الكريم رجح ذلك بأن الله ذكر الطور الذي أوحي منه إلى موسى، وذكر الكتاب


الصفحة التالية
Icon