صفحة رقم ٢٤
( سورة البقرة )
مقصودها إقامة الدليل على أن الكتاب هدى ليتبع يفي كل ما قال، وأعظم ما يهدي إليه الإيمالن بالغيب، ومجمعه الإيمان بالآخرة، فمداره الإيمان بالبعث الذي أعربت عنه قصة البقرة التي مجارها الإيمان بالغيب فلذلك سميت بها السورة وكانت بذلك أحق من قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأنها في نوع البشر ومما تقدمها في قصة بني إسرائيل من الأحياء بعد الإماتة بالصعق وكذلك ما شاكلها، لأن الأحياء في في قصة البقرة عن سبب ضعيف في الظاهر بمباشرة من كان من آحاد الناس فهي أدل على القدرة ولا سيما وقد اتبعت بوصف القلوب والحجارة بما عم اللمهتدين بالكتاب والضالين فوصفها بالقسوة الموجبة للشقوة ووصفت الحجارة بالخشية الناشئة في الجملة عن التقوى المانحة للمدد المتعدي نفعه إلى عباد الله، وفيها إشارة إلى أن هذا الكتاب فينا كما لو كان فينا خليفة من أولي العزم من الرسل يرشدنا في كل أمر إلى صواب المخرج منه فمن أعرض خاب، ومن تردد كاد، ومن أجاب اتقى وأجاد.
وسميت الزهراء لإنارتها طريق الهداية والكفاية في الدنيا والآخرة، ولأيجابها إسفار الوجوه يفي يوم الجزاء لمن آمن بالغيب ولم يكن في شك مريب فيحال بينه وبين ما يشتهي، بالسنام لأنه ليس في الإيمان بالغيب بعد التوحيد الذي هو الأساس الذي يتبني عليه كل خير والمنتهى الذي هو غاية السير والعالي على كل غير بأعلى ولا أجمع من الإيمان بالآخرة، ولأن السنام أعلى ما في بطن المطية الحاملة والكتاب الذي هي سورته هو أعلى ما في الحامل للأمر وهو اللشرع الذي أتاهم به رسولهم ( ﷺ ).
بسم الله الذي نصب مع كونه باطنا دلائل الهدى حتى كان ظاهرا، " الرحمن " الذي أفاض رحمته على سائر خلقه بعد الإيجاد ببيان الطريق، " الرحيم " الذي خص أهل وده بالتوفيق. قال العلامة أبو الحسن الحرالي في كتاب العروة لمفتاح الباب المقفل في معنى ما رواه عن ابن وهب من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي ( ﷺ ) قال :" كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد على حرغف واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف : زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه، وأمثال فأحلوا حلاله


الصفحة التالية
Icon