صفحة رقم ٢٥٥
( سورة التوبة )
مقصودها معاداة من أعرض عما دعت إليه السورة الماضية من اتباع الداعي إلى
الله في توحيده وأتباع ما يرضيه، وموالاة من أقبل عليه، وأدل ما فيها على الإبلاغ في هذا المقصد فصة المحلفين فإنهم - لاعترافهم بالتخلف عن الداعي بغير عذر في غزوة تبوك المحتمل على وجه بعيد منهم رضي الله عنهم للاعراض بالقلب - هجروا، وأعرض عنهم بكل اعتبار حتى بالكلام، فذلك معنى تسميتها بالتوبة، وهو يدل على البراءة لأن البراءة منهم ٠ بهجرانهم حتى رد السلام، كان سبب التوبة، فهو من إطلاق المسبب على السبب وتسميتها براءة واضح أيضا فيما ذكر من مقصودها، وكذا الفاضحة لأن من افتضح كان أهلا للبراءة منه، والبحوث لأنه لا يبحث إلا عن حال البغيض، والمبعثرة هو المنفرة والمثبرة والحفارة والمخزية والمهلكة والمشردةة والمدمدمة والمنكلة لأنه لا يبعثر إلا حال وكذا بعده، والمشردة عظيمة المناسبة مع ذلك عظيمة المناسبة مع ذلك لما أشارت إليه الأنفال في ) فشرد بهم من خلفهم ْ [ الأنفال : ٥٧ ] وسورة العذاب أيضا واضحة في مقصودها، وكذا المقشقشة لأنهم قالوا : إن معناه المبرئة من النمفاق، من تقشقشت قروحه، إذا تقشرت للبرء، وتوجيهه أن من عرف أن الله برئ منه ورسوله والمؤمنون لأمر فهو جدير بأن يرجع عن ذلك الأمر
، وعندي أيضا أنه مضاعف القش الذي معناه الجمع، لأنها جمعت أصناف المنافقين وأحوالهم وعليه خرج ما في وصف أبي جهم بن حذيفة لمن أراد نكاحها : أخاف عليك قشقاشته، أي تتبعه لمذاق الأمور، أخذا من القش الذي هو تطلب المأكول من هنا هنا وها هنا، أو عصاه التي هي غاية ذلك، ومادة قش ومقلوبها شق ةمضاعفهما قشقش وشقشق تدور على الجمع وتلازمه الفرقة فإنه لا يجتمع إلا ما كان مفرقا ولا يفرق إلا ما كان مجتمعا، وقد اقتسم هذان المثالان المعنيين إلا قليلا، فقش القوم : صلحوا وأحبوا بعد الهزال يجمع اللحم، والرجل : أكل من ها هنا ولف ما قدر عليه مما على الخوان، واضح في ذلك،