صفحة رقم ٥٨٢
سورة الروم
الروم :( ١ - ٥ ) الم
) الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( ( )
مقصودها إثبات الأمر كله، فتأتي الوحدانية والقدرة على كل شيء، فيأتي البعث ونصر أوليائه، وخذلان أعدائه، وهذا هو المقصود بالذات، واسم السورة واضح الدلالة عليه بما كان من السبب في نصر الروم من الوعد الصادق والسر المكتوم ) بسم الله ( الذي يملك الأمر كله ) الرحمن ( الذي رحم الخلق كلهم بنصب الأدلة ) الرحيم ( الذي لطف بأوليائه فأنجاهم من كل ضار، وحياهم كل نافع سار.
لما ختم سبحانه التي قبلها بأنه مع المحسنين قال :( آلم ( مشيراً بألف القيام والعلو ولام الوصلة وميم التمام إلى أن الملك الأعلى القوم أرسل جبرائيل عليه الصلاة والسلام - الذي هو وصلة بينه وبين أنبيائه عليهم الصلاة والسلام - إلى أشرف خلقه محمد ( ﷺ ) المبعوث لإتمام مكارم الأخلاق، يوحي إليه وحياً معلماً بالشاهد واغائب، فيأتي الأمر على ما أخبر به دليلاً على صحة رسالته، وكمال علم مرسله، وشمول قدرته، ووجوب وحدانيته.
ولما أشير في آخر تلك بأمر الحرم غلى أنه سبحانه يعز من يشاء ويذل من يشاء، وختم بمدح المجاهدين فيه، وأنه سبحانه لا يزال مع المحسنين، وكتنت قد افتتحت بأمر المفتونين، فكان كأنه قيل : لنفتننكم ولنعمين المفتين ولنهدين المجاهدين، وكان أهل فارس قد انتصروا على الروم، ففرح المشركون وقالوا للمسلمين : قد انتصر إخواننا الأميون على إخوانكم أهل الكتاب، فاننصرن عليكم، فأخبر الله تعالى بأن الأمر يكون على خلاف ما زعموا، فصدق مصدق وكذب مكذب، فكان في كل من ذلك من نصر