صفحة رقم ٢٢٠
سورة الحجرات
مقصودها الإرشاد إلى مكارم الأخلاق بتوقير النبي ( ﷺ ) بالأدب معه في نفسه وفي أمته، وحفظ ذلك من إجلاله بالظاهر ليكون دليلا على الباطن فيسمى إيمانا، كما أن الإيمان بالله يشترط فيه فعل الأعمال الظاهرة والإذعان لفعلها بشرائطها وأركانها وحدودها لتكون بينة على الباطن وحجة شاهدة له ) الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) [ العنكبوت : ٢ ] فحاصل مقصودها مراقبة النبي ( ﷺ ) في الأدب مغعه لأتها أول المفصل الذي هو ملخص القرآن كما كان مقصود الفاتحة التي هي أول القرآن مراقبة الله، وابتدئ ثاني المفصل بحرف منن الحروف المقطعة كما ابتدئئ ثاني ما عداه بالحروف المقطعة، واسمها الحجرات واضح الدلالة على ذلك بما دلت عليه آيته ) بسم الله ( الملك الجبار المتكبر الذي من أخل بتعظيم رسوله ( ﷺ ) لم يرض عنه عملا ) الرحمن ( الذي من عموم رحمته إقامة الآداب للتوصل إلى حسن المآب ) الرحيم ( الذي خص أولي الألباب الإقبال على ما يوجب لهم جميل الثواب.
الحجرات :( ١ - ٣ ) يا أيها الذين.....
) يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُواْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ( ( )
ولما نوه سبحانه في القتال بذكر النبي ( ﷺ ) في ابتدائها باسمه الشريق وسمى السورة به، وملأ سورة محمد بتعظيمه، وختمها باسمه، ومدح أتباعه لأجله، افتتح هذه باشتراط الأدب معه في القول والفعل للعد من حزبه والفوز بقربه، ومدار ذلك معالي الأخلاق، وهي إما مع الله سبحانه وتعالى أو مع رسوله ( ﷺ ) أو مع غيرهما وإن كان كل قسم لا يخلو عن لحظة الآخر، وغيرهما إما أن يكون داخلاً مع المؤمنين