صفحة رقم ٥٩٠
سورة الجمعة
مقصودها بيان مسمى الصف بدليل هو أوضح شرائع الدين وأوثق عرى الإسلام وهو الجمعة التي اسمها مبين للمراد منها من فرضية الاحتماع فيها وإيجاب الإقبال عليها وهو التجرد عن غيرها والانقطاع لما وقع من التفرق حال الخطبة عمن بعث للتزكية بالاجتماعه عليه في الجهاد وغيره في العسر واليسر والمنشط والمكره، واسمها الجمعة أنسب شيء فيها لهذا المقصد بتدبر آياته وتأمل أوائله وغاياته، الحاثة على قوة التواصل والاجتماع، والحاملة على دوام الإقبال على المزكي والحب له والاتباع ) بسم الله ( الذي أحاط علمه بكل معلوم فتم بيانه ) الرحمن ( الذي عمت نعمة بيانه بعد شمول كرامة إيجاده فهو العظيم شأنه ) الرحيم ( الذي خص حزبه بالتوفيق لما يرضاه فثبت فيي سويداء كل منهم حبه له وإيمانه به.
الجمعة :( ١ - ٤ ) يسبح لله ما.....
) يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ( ( )
ولما ختمت الصف بالإقبال ببعض بني إسرائيل على جنابه الأقدس بعد زاغوا فأزاغ الله قلوبهم كلهم أو الشاذ منهم بما أفهمه إطلاق الضمير عليهم ثم تأييدهم على من استمر منهم على الزيغ، فثبت أن له تمام القدرة استلزم لشمول العلم اللازم منه التنزه عن كل شائبة نقص، وكان سبحانه قد ذكر التسبيح الذي هو الأعظم الأشهر للتنزيه بلفظ الماضي ثلاثة مرات في افتتاح ثلاثة سور، وذلك نهاية الإثبات المؤكد، فثبت بذلك أنه وقع تنزيهه من كل ناطق وصامت، أخبر أول هذه السورة أن ذلك التنزيه على وجه التجديد والاستمرار بالتعبير بالمضارع لاستمرار ملكه فقال :( يسبح ) أي يوقع


الصفحة التالية
Icon