صفحة رقم ٣٥٤
سورة المطففين
مقصودها شرح آخر الانفطار بأنه لا بد من دينونة العباد يوم التناد بإسكان الأولياء أهل الرشاد دار النعيم، والأشقياء أهل الضلال والعناد غار الجحيم، ودل على ذلك بانه مربيهم والمحسن إليهم بعموم النعمة، ولا يتخيل عاقل أن أحدا يربي أحدا من غير سؤال عما حمله إياه وكلفه به ولا أنه لا ينصف بعض من يربيهم من بعض، واسمها التطفيف أدل ما فيها على ذلك ) بسم الله ( الذي له الحكمة البالغة والقدرة الكاملة ) الرحمن ( الذي عم بنعمة الإيجاد والبيان الشاملة ) الرحيم ( الذي أكرم حزبه بالتوفيق لحسن المعاملة.
المطففين :( ١ - ٥ ) ويل للمطففين
) وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُوْلَئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ( ( )
ولما ختم الانفطار بانقطاع الأسباب وانحسام الأنساب يوم الحساب، وأبلغ في التهديد بيوم الدين وأنه لا أمر لأحد معه، وذكر الأشقياء والسعداء، وكان أعظم ما يدور بين العباد المقادير، وكانت المعصية بالبخس فيها من أخس المعاصي وأدناها، حذر من الخيانة فيها وذكر ما أعد لأهلها وجمع إليهم كل من اتصف بوصفهم فحلمه وصفه على نوع من المعاصي، كل ذلك تنبيهاً للأشقياء الغافلين على ما هم فيه من السموم الممرضة المهلكة، ونبه على الشفاء لمن أراد فقال :( ويل ) أي هلاك ثابت عظيم في كل حال من أحوال الدنيا والآخرة ) للمطففين ) أي الذين ينقصون المكيال والمزيان ويبخسون حقوق الناس، وفي ذلك تنبيه على أن أصل الآفات الخلق السيىء وهو حب الدنيا الموقع في جمع الاموال من غير وجهها ولو بأخس الوجوه : التطفيف الذي لا يرضاه ذو مروءة وهم من يقاربون ملء الكيل وعدل الوزن ولا يملؤون ولا يعدلون، وكأنه من الإزالة أي أزال ما أشرف من أعلى الكيل، من الطف، وهو ما أشرف من أرض العرب على ريف العراق، ومنه ما في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : كنت فارساً


الصفحة التالية
Icon