صفحة رقم ٤٤٥
سورة الليل
مقصودها الدلالة على مقصود الشمس، وهو التصرف التام في النفوس بإثبات كمال القدرة بالاختيار باختلاف الناس في السعي مع اتحاد مقاصدهم، وزهي الوصول إلى الملاذ من شهوة البطن والفرج وما يتبع ذكلك من الراحة، واسمها الليل أوضح ما فيها على ذلك بتأمل القسم والجواب، والوقوع من ذلك على الصواب، وأيضا ليل نفسه دال على ذلك لأنه على غير مراد النفس بما فيه من الظلام والنوم الذي هو أخو الموت، وذلك مانع عن أكثر المرادات، ومقتضى لأكثر المضادات ) بسم الله ( الذي له العظمة الظاهرة والحكمة الباهرة ) الرحمن ( الذي شملت نعمته إيجاده وبيانه المتواترة ) الرحيم ( الذي خص من أراده بما يرضيه، فجعله حامده وشاكره.
الليل :( ١ - ١٠ ) والليل إذا يغشى
) وَالْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ( ( )
لما بين في الشمس حال من زكى نفسه وحال من دساها، وأوضح في آخرها من مخالفة ثمود لرسولهم ما أهلكهم، فعلم أن الناس مختلفون في السعي في تحصيل نجد الخير ونجد الشر، فمنهم من تغلب عليه ظلمة اللبس، ومنهم من يغلب عليه نهار الهدى، فتباينوا في مقاصدهم، وفي مصادرهم ومواردهم، بعد أن أثبت أنه هو الذي تصرف في النفوس بالفجور والتقوى، أقسم أول هذه بما يدل على عجائب صنعه في ضره ونفعه على ذلك، تنبيهاً على تمام قدرته في أنه الفاعل بالاختيار، يحول بين المرء وقلبه حتى يحمله على التوصل إلى مراده، بضد ما يوصل إليه بل بما يوصل إلى مضاده، وعلى أنه لا يكاد يصدق الاتحاد في القصد والاختلاف في السعي والتوصل، وشرح جزاء كل تحذيراً من نجد الشر ورغيباً في نجد الخير، وبين ما به التزكية وما به


الصفحة التالية
Icon