صفحة رقم ٤٩٥
سورة البينة
سورة الإعلام بأن هذا الكتاب القيم من علو مقداره وجليل آثاره أنه كما أنه لقوم نور وهدى فهو لآخرين وقر وعمى، فيقود إلى الجنة دار الأبرار، ويسوق إلا النار دار الأشقياء الفجار، وعلى ذلك دل كل من اسمائها " الذين كفروا " " والمنفكين " بتأمل الآية في انقسام الناس إلى أهل الشقاوة وأهل السعادة ) بسم الله ( الذي له العلو المطلق فلا يخرج شيء عن مراده ) الرحيم ( الذي عم بنعمة إيجاده وبيانه جميع عباده ) الرحيم ( الذي خص أهل وداده بالأعمال الصالحةى المتكلفة بإنجاء العامل بها وإسعاده.
البينة :( ١ - ٤ ) لم يكن الذين.....
) لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ( ( )
لما أخبر سبحانه وتعالى أن الليلة الشريفة التي صانها بنوع خفاء في تنزل من يتنزل فيها وفي تعيينها لا تزال قائمة على ما لها من تلك الصفة حتى يأتي الفجر الذي يحصل به غاية البيان، أخبر أن أهل الأديان سواء كان لها أصل من الحق أم لا لم يصح في العادة الجارية على حكمة الأسباب في دار الأسباب أن يتحولوا عما هم فيه إلا بسبب عظيم يكون بيانه أعظم من بيان الفجر، وهو القرآن المذكور في القدر والرسول المنزل عليه ذلك فقال :( لم يكن ) أي في مطلق الزمان الماضي والحال والاستقبال كوناً هو كالجبلة والطبع، وهذا يدل على ما كانوا عليه قبل ذلك من أنهم يبدلون ما هم عليه من الكفر أو الإيمان بكفر أو بدعة ثم لا يثبتون لعيه لأن ذلك ليس في جبلاتهم، وإنما هو خاطر عارض كما هو محكيّ عن سيرتهم من بعد موسى عليه الصلاة والسلام لما كانت


الصفحة التالية
Icon