صفحة رقم ٦١١
سورة الناس
مقصودها الاعتصام بالإله الحق من شر الخلق الباطن، واسمها دال على ذلك لأن الإنسان مطبوع على الشر، وأكثر شره بالمكر والخداع، وأحسن من هذا أنها للاستعاذة من الشر الباطن المأنوس به المستروح إليه، فإن الوسسة لا تكون إلا بما يشتهي، والناس مشتق من الأنس، فإن أصله أناس، وهو أيضا اضطراب الباطن المشير إليه الاشتقاق من النوس، فطابق حينئذ الاسم المسمى، ومقصود هذه السورة معلول لمقصود الفقاتحة الذي هو المراقبة، وهي شاملة لجميع علوم القرآن التي هي مصادقة الله ومعاداة الشيطان ببراعة الختام وفذلكة النظام، كما أن الفاتحة شاملة لذلك لأنها براعة الاستهلال، ورعاية الجلال والجمال، فقد اتصل الآخر بالأول اتصال العلة بالمعلول، والدليل بالمدلول، والمثل بالممثول، والله المسؤول في تيسير السؤل، ت وتحقيق المأمول، فإنه الجواد ذو الطول، وبه يستعان وعليه التكلان :( بسم الله ( المحيط علما بكل باطن كإحاطته بكل ظاهر ) الرحمن ( الذي عمت نعمته كل باد وحاضر ) الرحيم ( الذي خص أولياءه بإتمام النعمة عليهم في جميع أمورهم الأول منها والأثناء والآخر.
الناس :( ١ - ٦ ) قل أعوذ برب.....
) قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ( ( )
لما جاءت سورة الفلق للاستعاذة من شر ما خلق من جميع المضار البدنية وغيرها العامة للإنسان وغيره، وذلك هو جملة الشر الموجود في جميع الأكوان والأزمان، ثم وقع فيها التخصيص بشرور بأعيانها من الفاسق والساحر والحاسد، فكانت الاستعاذة فيها عامة للمصائب الخارجة التي ترجع إلى ظلم الغير، والمعايب الداخلة التي ترجع


الصفحة التالية
Icon