الفصل الرابع : إقامة الدولة
تمهيد:
من أنواع التمكين التي ذكرت في القرآن الكريم وصول أهل التوحيد والإيمان الصحيح إلى سُدَّة الحكم وتوليهم لمقاليد الدولة، لقد تحدث القرآن الكريم عمن قادوا دولاً وساسوا شعوبًا بشرع الله، من أمثال داود وسليمان عليهما السلام، والحاكم المؤمن والفاتح الصالح، والقائد العادل (ذي القرنين) وجعلهم قدوة ومثلاً رائعًا لأهل الإيمان على مر الدهور وكر العصور وتوالي الأزمان، وسلط القرآن الكريم الأضواء على جوانب هامة من أعمالهم وجهادهم العظيم الذي استهدفوا به التمكين لمثل عليا، ومبادئ رفيعة، وقيم سامية، وأخلاق فاضلة انبثقت من الإيمان بالله واليوم الآخر، بعيدة كل البعد عن الكبرياء الوطنية، والأمجاد القومية، والنزعات العرقية، وتقديس التراب والزعماء، ولم تكن فتوحاتهم وأعمالهم المجيدة تستهدف سيادة عسكرية أو مغانم اقتصادية، أو تطلعات توسعية أو نزوات عنصرية التي يبعث عليها حب التسلط والرغبة في العلو.
إنما خاضوا حروبًا وقادوا جيوشًا استهدفت كرامة الإنسان وتخليصه من الشرك والأوهام والانحرافات العقدية، وإزالة الظلم عن البشر وإقامة العدل، ودعوة الناس إلى العقيدة الصحيحة، والمنهج السليم، والتصور الرباني.
وكان للنبي - ﷺ - والخلفاء من بعده حظ وافر من هذا النوع من التمكين نحاول أن نسلط الأضواء في هذا الفصل على بعض معالمه، وسنعرج على التاريخ الإسلامي القديم والحديث لنضرب بعض الأمثلة الحية بإذن الله تعالى لنستخرج الدروس والعبر من هذه الدراسة المتواضعة.


الصفحة التالية
Icon