الفصل الثاني : أسباب التمكين
تمهيد:
إن الأخذ بالأسباب التي تؤدي إلى التمكين أمر أرشدنا إليه القرآن الكريم، وحثنا على الأخذ بها سيد المرسلين - ﷺ -، وقد أمر الله تعالى بالإعداد الشامل فقال: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ﴾ [الأنفال: ٦٠].
والإعداد في حقيقته أخذ بالأسباب.
وأشارت الآية الكريمة إلى الأمر بإعداد:
١- ما استطعتم من قوة.
٢- ومن رباط الخيل.
والغاية:
١- ترهبون به عدو الله وعدوكم.
٢- وآخرين من دونهم لا تعلمونهم.
وإعداد القوة، لفظ عام يشمل كل قوة، فقوة العقيدة والإيمان قوة، وقوة الصف والتلاحم قوة، وقوة السلاح والساعد قوة. ورباط الخيل إشارة إلى السلاح الثقيل، وإشارة إلى وجوب وجوده في أيدي المسلمين لا تأخذه شراء أو هبة من أحد.
ولا يمنع من الحفاظ على الخيل كجزء من الإعداد الإسلامي، لأنها عند الالتحام أقوى من التحام الأفراد بغير أفراس، وقد أثبتت الحروب الحديثة أهمية الخيل كما حدث للمجاهدين في جبال الأفغان ضد الشيوعيين، وفي جنوب السودان ضد النصارى.
إن الآية الكريمة تضع أذهان المسلمين على الإعداد الشامل، المعنوي والمادي، العلمي والفقهي على مستوى الأفراد والجماعات، وتدخل في طياتها، الإعداد التربوي، والسلوكي، والإعداد المالي، والإعداد الإعلامي، والسياسي والأمني والعسكري... إلخ.
كما أن الآية الكريمة وضحت أن الإعداد يحتاج إلى إنفاق هائل ووعدت بالتعويض في الدنيا والجزاء في الآخرة لتحفز المسلمين وتحثهم على ذلك، قال تعالى: ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ﴾ [الأنفال: ٦٠].