الفصل الأول : مراحل التمكين
تمهيد:
إن دعوة الله أمانة يتحملها أهل الإيمان الصحيح، وهذه الأمانة ثقيلة في حد ذاتها، وكذلك حملها وأداؤها، والوفاء بها، فكيف وهي متعلقة بدين الله تعالى؟
ولذلك من أعظم الأمانات وأشدها ثقلا أمانة الدعوة التي تحتاج إلى رجال مؤمنين يتخلقون بأفضل الأخلاق الربانية ونفوسهم مليئة بالإيمان العميق، فهم على استعداد تام لتبليغ دين الله، ولذلك يسعون بدين الله حتى يتمكن من قلوب الناس وإقامة دولة الإيمان والإسلام.
إن مرحلة التمكين أو إقامة دولة الإيمان تسبقها مراحل استخلصها العلماء من دراسة كتاب الله ودراسة التاريخ المتأنية، ولعل من أهم هذه المراحل:
مرحلة الدعوة والتعريف بالإسلام.
مرحلة اختيار العناصر التي تحمل الدعوة.
مرحلة المغالبة.
مرحلة الظهور.
وسنحاول خلال هذا الفصل دراسة هذه المراحل وتحديد السمات التي تتميز بها كل مرحلة وكيفية تحقيقها والانتقال بها إلى المرحلة التي تليها لاسيما المرحلة الأخيرة مرحلة التمكين.
إن استيعاب مراحل التمكين يعين الدعاة إلى الله على تحقيق هدفهم المنشود من التمكين لهذا الدين كما يبصرهم بحقيقة الطريق، ومعرفة عوائق التمكين التي تعترض تحقيق أهدافهم وكيفية التغلب عليها من خلال القرآن الكريم وسيرة سيد المرسلين، وتاريخ الأمة المجيد والتعامل مع سنن الله الربانية المبثوثة في الكون والحياة والشعوب والمجتمعات.
المبحث الأول : مرحلة الدعوة والتعريف بالإسلام
إن الخطوة الأولى في سبيل إقامة الدولة المسلمة أو التمكين للإسلام هو التعريف به والدعوة إليه، وقد كان هذا نهج الأنبياء والمرسلين ومنهج القرآن، والدعاة إلى الله هم ورثة الأنبياء، والأنبياء عليهم السلام لا يورثون مالا ولا عقارا، ولكنهم يورثون علما ودعوة ومبادئ وقيما وأخلاقا وعقيدة صحيحة وتصورا سليما للكون والحياة والإنسان والخلاق العليم.
إن الله سبحانه وتعالى قد بين لنا في كتابه وظيفة رسل الله والدعاة إليه كما في قوله تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٥١].
وتمثل هذه الواجبات الأمور الآتية:
أولاً: تبليغ وحي الله إلى الناس، وتعريفهم به ﴿يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا﴾ ويكون هذا التبليغ بالأمور الآتية:
شرح أصول الإسلام وقواعده للناس.


الصفحة التالية
Icon