متن، ص : ١٦٩
ومن السورة التي يذكر فيها «يوسف عليه السلام»
[سورة يوسف (١٢) : آية ٤]
إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ (٤)
قوله : يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ [٤]. وهذه استعارة، لأن الكواكب والشمس والقمر مما لا يعقل، فكان الوجه أن يقال. ساجدة. ولكنها لما أطلق عليها فعل من يعقل، جاز أن توصف «١» بصفة من يعقل، لأن السجود من فعل العقلاء. وهذا كقوله سبحانه :
يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ، لا يَحْطِمَنَّكُمْ «٢» فلما كانت النمل فى هذا القول مأمورة أمر من يعقل جرى الخطاب عليها جريه على من يعقل. مثل ذلك قوله تعالى : وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا «٣» لأنها لما شهدت عليهم شهادة العقلاء المخاطبين أجروا - كما فى هذا الخطاب - مجرى العقلاء المخاطبين. ومن الشاهد على ذلك قول عبدة بن الطبيب.
إذ أشرف الدّيك يدعو بعض أسرته لدى الصّباح وهم قوم معازيل «٤»
(٢) سورة النمل الآية رقم ١٨ وتكلمة الآية لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ.
(٣) سورة فصلت. الآية رقم ٢١.
(٤) هذا البيت من قصائد «المفضليات» للضبى والقصيدة كلها كاملة فى ديوان المفضليات بتحقيق الأستاذين أحمد محمد شاكر وعبد السلام هارون - ص ١٣٣ - ١٤٣ ج ١. وترجمة عبدة بن الطبيب فى اللآلى، والأغانى، والإصابة، والشعر والشعراء لابن قتيبة، وهو صاحب البيت المشهور فى الرثاء :
فما كان قيس هلكه هلك واحد ولكنه بنيان قوم تهدما