متن، ص : ٢٥٦
ومن السورة التي يذكر فيها «الشعراء»
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٦١]
فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١)
قوله سبحانه «١» : فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ، قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ [٦١] وهذه استعارة. والمراد بها : العبارة عن التقارب والتداني. وإنما قلنا إن اللفظ مستعار، لأنه قد يحسن أن يوصف به الجمعان، وإن لم ير بعضهم بعضا بالموانع، من مثار العجاج، ورهج الطّراد. لأن المراد به تقارب الأشخاص، لا تلاحظ الأحداق، وذلك كقولهم فى الحيّين المتقاربين : تتراءى ناراهما. أي تتقابل وتتقارب. لكون النارين بحيث لو كان بدلا منهما إنسانان لرأى كل واحد منهما صاحبه. وقد أومأنا إلى ذلك فيما مضى «٢».
ويقال أيضا : قوم رئاء، على وزن فعال أي يقابل بعضهم بعضا. وكذلك بيوتهم رئاء إذا كانت متقابلة. ذكر ذلك أحمد بن يحيى ثعلب «٣».
ومن هذا الباب الحديث المشهور عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم، وهو قوله :(أنا

(١) فى الأصل :«و لما» بالواو وهو تحريف من الناسخ والصواب فلما. بالفاء.
(٢) فى الكلام فى مجازات سورة الفرقان. الآية رقم ١٢.
(٣) لم نجد لذلك ذكرا فى «مجالس ثعلب» التي نشرتها «دار المعارف» بتحقيق الأستاذ عبد السلام محمد هارون. ووجدنا ذلك فى «الأساس» للزمخشرى. وثعلب هو إمام الكوفيين فى النحو واللغة.
اشتهر بالرواية والحفظ والصدق وكان ثقة. ومات بصدمة فرس سقط بسببها فى هوة فتوفى على الأثر سنة ٢٩١ ه.


الصفحة التالية
Icon