متن، ص : ٢٨٣
ومن السورة التي يذكر فيها «الزّمر»
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٥]
خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٥)
قوله تعالى : يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ، وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ [٥] وهذه استعارة. والمعنى : يعلى هذا على هذا. وذلك مأخوذ من قولهم : كار العمامة على رأسه يكورها. إذا أرادها عليه. وقد قالوا : طعنه فكوّره. أي صرعه. ومنه قول أبى كبير الهذلي «١» :
متكورين على المعاري بينهم ضرب كتعطاط المزاد الأنجل
ومنه الحديث المأثور :(نعوذ باللّه من الحور بعد الكور) «٢» أي من الإدبار بعد الإقبال. وقيل من القلة بعد الكثرة. لأنهم يسمّون القطيع الكثير من البقر وغيرها كورا.
ومنه قول أبى ذؤيب «٣» فى صفة الثور :

(١) أبو كبير الهذلي هو عامر بن الحليس. وهو شاعر جاهلى. وله ترجمة فى «الشعر والشعراء» و«الإصابة» و«الخزانة» و«اللآلى». وزعموا أنه تزوج أم الشاعر «تأبط شرا» وكان هذا غلاما صغيرا فلما رآه يكثر الدخول على أمه تنكر له... والقصة كاملة فى كتاب «ديوان الهذليين» ج ٢ ص ٨٨ ومتكورين أي بعضهم على بعض، والمعاري : السوءات. والتعطاط من العط، وهو الشق، والأنجل :
الواسع. [.....]
(٢) فى «أساس البلاغة» :«و أعوذ باللّه من الحور بعد الكور». والباطل فى حور - بالضم - وهما النقصان، كالهون والهون. والحديث كاملا فى «المجازات النبوية» طبع القاهرة. صفحة ١١٣، ونصه :
(اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر. وكآبة المنقلب، والحور بعد الكور. وسوء المنظر فى الأهل والمال).
(٣) هو أبو ذؤيب الهذلي خويلد بن خالد، جاهلى إسلامى، وكان راوية للشاعر الهذلي ساعدة بن جؤية. وقالوا : إنه خرج مع عبد اللّه بن الزبير فى مغزى نحو المغرب فمات. وهو صاحب العينية المشهورة التي يرثى بها سبعة من أبنائه ماتوا فى يوم واحد، ومطلعها :
أمن المنون وريبها نتوجع والدهر ليس بمعتب من يجزع وشعره فى «ديوان الهذليين» طبع دار الكتب المصرية.


الصفحة التالية
Icon