متن، ص : ٣٣٤
بذلك أن يأمر أولياءه بذمّهم ولعنهم والبراءة منهم عقوبة لهم على ذميم فعلهم. وقد يجوز أن يكون معنى ذلك أنهم لما زاغوا عن الحق خذلهم وأبعدهم وخلّاهم واختيارهم، وأضاف سبحانه الفعل إلى نفسه على طريق الاتساع، لما كان وقوع الزّيغ منهم مقابلا لأمره لهم باتباع الحقّ، وسلوك الطريق النهج. كما قال تعالى : فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي «١» أي وقع نسيانكم لذكرى، فى مقابلة أمر أولئك العباد الصالحين لكم بأن تسلكوا الطريق الأسلم، وتتّبعوا الدين الأقوم.
ومن السورة التي يذكر فيها «الجمعة»
[سورة الجمعة (٦٢) : آية ٧]
وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧)
قوله سبحانه : وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ [٧] وهذه استعارة. والمراد : ولا يتمنّون الموت أبدا خوفا مما فرط منهم من الأعمال السيئة، والقبائح المجترحة. ونسب تعالى تلك الأفعال إلى الأيدى لغلبة الأيدى على الأعمال، وإن كان فيها ما يعمل بالقلب واللسان.
ومن السورة التي يذكر فيها «المنافقون»
[سورة المنافقون (٦٣) : آية ٧]
هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (٧)
قوله تعالى : وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ [٧] وهذه استعارة. والمراد بخزائن السموات والأرض مواضع أرزاق العباد، من مدارّ السحاب، ومخارج الأعشاب، وما يجرى مجرى ذلك من الأرفاق.
وقال بعضهم : المراد بالخزائن هاهنا مقدورات اللّه سبحانه، لأن فيها كلّ ما يشاء

(١) سورة المؤمنون الآية رقم ١١٠.


الصفحة التالية
Icon