تلخيص البيان، متن، ص: ٣٣٥
إخراجه، من مصالح العباد، ومنافع البلاد. وقد مضى الكلام على هذا المعنى فيما تقدّم.
ومن السورة التي يذكر فيها «التغابن»
[سورة التغابن (٦٤): الآيات ٨ الى ٩]
فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩)
قوله تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا [٨] وهذه استعارة.
والمراد بالنور هاهنا القرآن. وإنما سمّى نورا لأن به يهتدى فى ظلم الكفر والضلال، كما يهتدى بالنور الساطع، والشهاب اللامع. وضياء القرآن أشرف من ضياء الأنوار، لأن القرآن يعشو إليه القلب، والنور يعشو إليه الطّرف.
وقوله سبحانه: يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ [٩] فذكر التغابن هاهنا مجاز، والمراد به - واللّه أعلم - تشبيه المؤمنين والكافرين بالمتعاقدين والمتبايعين، فكأن المؤمنين ابتاعوا دار الثواب، وكأنّ الكافرين اعتاضوا منها دار العقاب، فتفاوتوا فى الصّفقة، وتغابنوا فى البيعة، فكان الربح مع المؤمنين، والخسران مع الكافرين.
ويشبه ذلك قوله تعالى: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ؟ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ «١» الآية.
وليس فى السورة التي يذكر فيها «الطلاق»»
شى ء من الغرض الذي نقصده فى هذا الكتاب.
_________
(١) سورة الصف. الآيتان ١٠، ١١.
(٢) يرى المؤلف رضى اللّه عنه أن سورة الطلاق ليس فيها شىء من مجازات القرآن.


الصفحة التالية
Icon