متن، ص : ٣٥٥
ومن السورة التي يذكر فيها «القيامة»
[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ١٤ الى ١٥]
بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ (١٥)
قوله تعالى : بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
[١٤، ١٥] وهذه استعارة. والمراد - واللّه أعلم - أن الإنسان حجة على نفسه فى يوم القيامة، وشاهد عليها بما اقترفت من ذنب، واحتملت من وزر. وإن ألقى معاذيره. أي هو وإن تعلّق بالمعاذير ولفّق الأقاويل شاهد على نفسه بما يوجب العقاب، ويجر النكال.
وقال الكسائي : المعنى : بل على نفس الإنسان بصيرة. فجاء على التقديم والتأخير.
أي عليه من الملائكة رقيب يرقبه، وحافظ يحفظ عمله. وقال أبو عبيدة : جاءت هذه الهاء فى بصيرة، والموصوف بها مذكّر، كما جاءت فى علّامة، ونسّابة، وراوية، وطاغية.
والمراد بها المبالغة فى المعنى الذي وقع الوصف به.
ووجه المبالغة فى صفة الملك المحصى لأعمال المكلّف بأنه بصيرة أنّ ذلك الملك يتجاوز علم الظواهر إلى علم السرائر، بما جعل اللّه تعالى له على ذلك من الأدلة، وأعطاه من أسباب المعرفة. فهو للعلة التي ذكرناها يوفى على كل رقيب حافظ، ومراع ملاحظ.
والتأويل الآخر يخرج به الكلام عن حيّز الاستعارة. وهو أن تكون المعاذير هاهنا من أسماء السّتور. لأن أهل اليمن يسمّون السّتر بالمعذار. فكأن المراد أن الإنسان رقيب على نفسه، وعالم بمستسر غيبه، فيما يفارقه من معصية، أو يقاربه من ريبة، وإن ألقى ستوره مستخفيا، وأغلق أبوابه متواريا.
[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ٢٩ الى ٣٠]
وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ (٣٠)
وقوله سبحانه : وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ، إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ [٢٩، ٣٠]