متن، ص : ٣٦٥
القيامة : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ، إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «١» والدليل على ما قلنا إضافته سبحانه النظر إليها، والنّظر إنما يصح من أربابها لا منها. لأنه تعالى قال عقب ذلك : وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ، تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ «٢»
[سورة الغاشية (٨٨) : الآيات ٨ الى ١١]
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِها راضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (١٠) لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (١١)
وكذلك قوله تعالى هاهنا : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ، لِسَعْيِها راضِيَةٌ [٨، ٩] والرّضا والسخط إنما يوصف به أصحاب الوجوه.
فانكشف الكلام على الغرض المقصود.
وقوله تعالى : فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ، لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً [١٠، ١١] وهذه استعارة. وقد مضت لها نظائر كثيرة جدا فيما تقدم من كلامنا. أي لا تسمع فيها كلمة ذات لغو. فلما كان صاحب تلك الكلمة يسمّى لاغيا بقولها، سمّيت هى لاغية، على المبالغة فى وصف اللغو الذي فيها.
وقال بعضهم : معنى ذلك : لا يسمع فيها نفس حالفة على كذب، ولا ناطقة برفث. لأن الجنة لا لغو فيها ولا رفث، ولا فحش ولا كذب.
ومن السورة التي يذكر فيها «الفجر»
[سورة الفجر (٨٩) : آية ٤]
وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤)
وقوله سبحانه : وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ [٤] وهذه استعارة. والمراد بسرى الليل دوران فلكه، وسيران نجومه حتى يبلغ غايته، ويسبق فى قاصيته، ويستخلف النهار موضعه.
[سورة الفجر (٨٩) : آية ١٠]
وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ (١٠)
وقوله سبحانه : وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ [١٠] وهذه استعارة. والمراد وفرعون ذى الملك المتقرم «٣» والأمر المتوطد، والأسباب المتمهدة التي استقر بها بنيانه، وتمكن سلطانه، كما تنبت البيوت بالأوتاد المضروبة، والدعائم المنصوبة. وقد مضى نظير ذلك.
(٢) سورة القيامة. الآيتان ٢٤، ٢٥.
(٣) المتقرم : المتأصل فى السيادة والمجد.