متن، ص : ٣٦٦
[سورة الفجر (٨٩) : آية ١٣]
فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ (١٣)
وقوله سبحانه : فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ [١٣] وهذه من مكشوفات الاستعارة. والمراد بها العذاب المؤلم، والنكال المرمض. لأن السّوط فى عرف عادة العرب يكون على الأغلب سببا للعقوبات الواقعة، والآلام الموجعة.
وقال بعضهم : يجوز أن يكون معنى سَوْطَ عَذابٍ أي أوقع عذاب يخالط اللحوم والدماء، فيسوطها سوطا، إذا حرّك ما فيها وخلطه. فالسّوط على هذا القول هاهنا مصدر وليس باسم.
ومن السورة التي يذكر فيها «البلد»
[سورة البلد (٩٠) : آية ٦]
يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً (٦)
وقوله سبحانه يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً [٦] وهذه استعارة. وقد مضى نظير لها. والمراد باللّبد هاهنا المال الكثير الذي قد تراكب بعضه على بعض، كما تلبّدت طرائق الشّعر، وسبائخ «١» القطن.
وقد يجوز أن يكون ذلك مأخوذا من قولهم : رجل لبد. إذا كان لازما لبيته لا يبرحه. وبه سمّى نسر لقمان لبدا، لمماطلته للعمر، وطول بقائه على الدهر. فكأنه قال : أهلكت مالا كان باقيا لى، وثابتا عندى.
[سورة البلد (٩٠) : الآيات ١٠ الى ١١]
وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (١٠) فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١)
وقوله سبحانه : وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ، فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ [١٠، ١١] وهذه استعارة. والمراد بالنّجدين هاهنا الطريقان المفضيان إلى الخير والشر. والنّجد : المكان العالي، وإنما سمّى تعالى هذين الطريقين بالنجدين، لأنه بيّنهما للمكلّفين بيانا واضحا ليتّبعوا سبيل الخير، ويجتنبوا سبيل الشر. فكأنه تعالى بفرط البيان لهما قد رفعهما للعيون، ونصبهما للناظرين.