ثم انظر إليه حين أقدم على تفصيل تلك الخصال كيف أنه لم يقبل عليها دفعة واحدة بل أخذ يتدرج إليها في رفق ولين فتقدم بكلمة فوق الإجمال ودون التفصيل هي بمثابة فهرس لقواعد الإيمان ولشرائع الإسلام ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب والنبيين وآتى المال على حبه وانظر إلى سرد قواعد الإيمان هنا كيف عدل بها عن ترتيبها المطبوع الذي راعاه في صدر السورة غير مرة فتراه هنا يجمع بين الطرفين الإيمان بالله واليوم الآخر وختم بالواسطة الإيمان بالملائكة والكتاب والنبيين ذلك لأن من هذه الوسائط تعرف الأحكام الشرعية وعن يدها تؤخذ فأخرها لتتصل بها تلك الأحكام حتى لا يحول بين الأصل وفرعه حائل ولذلك راعى ترتيب أركان هذه الواسطة فيما بينها فصدر بالملائكة وهم حملة الوحي وثنى بالكتاب وهو الوحي المحمول وثلث بالنبيين وهم مهبط الوحي ومن هناك اتصل ببيان تلك الشرائع التي وصلت إلينا عن طريق النبوة.
المقصد الثالث من مقاصد السورة
[ فى عرض شرائع الدين تفصيلا ]
في ست ومائة آية بعد إرساء الأساس تكون إقامة البنيان وبعد الاطمئنان على سلامة الخارج يجيء دور البناء والإنشاء في الداخل نعم لقد تم إصلاح العقيدة التي هي روح الدين وجوهره فليبدأ تفصيل الشريعة التي هي مظهر الدين وهيكله لقد أزيلت شبه المعاندين وأقيمت الحجة عليهم فلم يبق إلا إنارة السبيل للسالكين وإيضاح المحجة بين يديهم كانت العناية من قبل موجهة إلى بيان حقائق الإيمان فلتتوجه الآن إلى بسط شرائع الإسلام وأنت فقد رأيت كيف مهدت السورة لهذا التحول إذ وضعت