وكل كلمة يكون عينها ألفا في اللفظ منقلبا عن ياء أو عن واو، فمنها ما يكتب بالألف لأن انقلابها يدل على أن معنى الكملة من جهة الملك الظاهر يتضمن كليها الملكوتي الباطن، فيجتمع على معناها قسما الوجود معا. مثل: الباب ومختال من الأسماء فأصلها: " بوب " و " مختيلط وكل واحد منهما يتضمن معناه قسمي الوجود معا.
ومثل: قال وكاد أطاع وأذاعوا من الأفعال. فإن الفعل الماضي يدل على على تحقق المعنى فيتضمن مصدره ويستلزم فاعله الضرورة، وقد يخفى معنى الكلمة عن الإدراك فيحذف الحرف رأسا سواء كان عينا أو لاما، من ثلاثة أحرف كانت الكلمة أو من أكثر مثل (مَكاناً عَلِيا) حذف لأنه ملكوتي علوي بخلاف: (مَكاناً ضَيقاً) ثبت لأنه ملكي سافل.
ومثل: (فَمَن تَبِعَ هُدايَ) هو من جهة إضافته إلى ضمير الرب خفي أصله الملكوتي، ومن جهة اتباعه استوى فيه اتباع قسمي الوجود الملكي والملكوتي، ومن جهة الهداية هما معا باطنان فحذف الحرف رأسا.
ومثل: (أَمِ السَماءَ بَناها) هو خفي الملكوت (رَفَعَ سَمكَها فَسواها) ظاهر الملكوت.
ومثل (فَزادوهُم رَهَقاً) حذف لأنه فعل خفي باطن من فاعل خفي هو الجن. فأخفي ألفه لأجل ذلك.
و مثل: (فَأشارت إليه) هو فعل لا يدري كيفه فإنه إشارة فهموا منها أنها قالت لهم: كلموه. ولذلك قالوا: (كَيفَ نُكَلِمُ مَن كانَ في المَهدِ صَبِياً).
ومثل: (وَالَّذَينَ اِستَجابوا لِرَبِهِم وَأَقاموا الصَلاة) حذف ألف الفعل لأنه جاء بلفظ الماضي، ومعناه الحصول والتحقق على العموم والإطلاق في كل الأزمان فيندرج تحته جزئيات الأزمان. فهو كلي ملكوتي الإعتبار. فاعلمه. وفيما ذكرته كفاية في التنبيه للطالب النبيه.
باب الواو
اعلم أن الواو في الخط على قسمين: قسم زائد وقسم ناقص.
فصل
في الواو الزائد في الخط
وذلك يدل على ظهور معنى الكلمة في الوجود في أعلى طبقة وأعظم رتبة مثل: (سَأُريكُم دارَ الفاسِقين)، (سَأُوريكُم آياتي) زيدت الواو تنبيها على ظهور ذلك بالفعل للعيان أكمل ما يكون. ويدل على هذا أن الآيتين جاءتا للتهديد والوعيد.
وكذلك أولي أولو، وأولات. زيدت الواو بعد الهمزة لقوة المعنى وعلوه في الوجود على معنى أصحاب فإن في أولي معنى الصحبة زيادة التمليك والولاية عليه.
وكذلك زيدت في " أَولئِكَ) و(أُولائِكُم) لأنه جمع مبهم يظهر منه معنى الكثرة الحاضرة في الوجود. وليس الواو للفرق بينه وبين (إٍليكَ) كما قال قوم لأنه قول منقوض بأولاء. فافهم.
وكذلك الواو التي زيدت لعضد الهمزة كما نبهنا عليه في باب " الهمزة ".
فصل
في الواو الناقصة من الخط
وذلك علامة على التخفيف وموازاة العلم كما قد ذكرنا. فإذا اجتمع واوان والضم فتحذف الواو التي لا تكون عمدة في الكلمة وتبقى التي هي عمدة ثابتة، سواء كانت الكلمة فعلا مثل: ((لِيَسئوا وُجُوهَكُم) أو صفة مثل: (المَؤدَة) و (يَؤس) و (الغاوون).
أو إسما مثل (داوود) إلا أن يقوي كل واحد منهما فيثبتان جميعا مثل: (تَبَؤءَو) فإن الواو الأولى تنوب عن حرفين لأجل الإدغام، فقويت في الكلمة، والواو الثانية ضمير الفاعلين، فثبتا جميعا.
وكذلك سقطت من أربعة أفعال دلالة على " سرعة وقوع " الفعل ويسارته على الفاعل وشدة قبول " المنفعل للتأثر به " في الوجود مثل (سَنَدعُ الزَبانِية) فيه سرعة الفعل وسرعة إجابة الزبانية وقوة البطش. وهو وعيد عظيم ذكر مبدؤه وحذف آخره. ويدل على هذا قوله تعالى: (وَما أَمرُنا إِلا واحِدةٌ كَلَمحِ بالبَصَر).
وكذلك: (وَيَمحُ اللَهُ الباطِل) حذف منه الواو علامة على سرعة المحو وقبول الباطل له بسرعة. يدل على هذا قوله تعالى (إِنّ الباطل كانَ زَهوقاً) وليس (يَمحُ) معطوفا على (يَختُمُ) الذي قبله لأنه ظهر مع (يَمحُ) اسم الفاعل. وعطف على الفعل ما بعده وهو: (يَحِقُ الحَقَّ).
وكذلك: (وَيدعُ الإنسانُ بالشَرِ دُعاءَهُ بالخَير) حذف الواو يدل على أنّه " ويسهل " عليه ويسارع فيه كما يعمل في الخير. وإتيان الشر إليه من جهة ذاته أقرب إليه من الخير.
وكذلك: (يَومَ يَدعُ) حذف الواو لسرعة الدعاء وسرعة الإجابة.
وهذه الأفعال الأربعة مباد لمعان " وراءها " لم تذكر. فحذف الواو يدل على كل ما ذلك.
؟؟باب الياء