تفسير
سور الفاتحة والإخلاص والمعوذتين
للإمام
محمد بن عبد الوهاب
رحمه الله
تفسير سورة الفاتحة
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:
اعلم أرشدك الله لطاعته، وأحاطك بحياطته، وتولاك في الدنيا والآخرة، أن مقصود الصلاة وروحها ولبها هو إقبال القلب على الله تعالى فيها، فإذا صليت بلا قلب فهي كالجسد الذي لا روح فيه، ويدل على هذا قوله تعالى: ﴿فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون﴾ (سورة الماعون ٤-٥)، ففسر السهو بالسهو عن وقتها، أي إضاعته- والسهو عن ما يجب فيها، والسهو عن حضور القلب، ويدل على ذلك الحديث الذي في صحيح مسلم أن رسول الله ﷺ قال: ((تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعاً لايذكر فيها إلا قليلاً)) (رواه مسلم).
فوصفه بإضاعة الوقت بقوله: ((يرقب الشمس)) وبإضاعة الأركان بذكره النقر، وبإضاعة حضور القلب بقوله: ((لا يذكر الله فيها إلا قليلا)).
إذا فهمت ذلك فافهم نوعا واحدا من الصلاة، وهو قراءة الفاتحة لعل الله أن يجعل صلاتك في الصلوات المقبولة المضاعفة المكفرة للذنوب.
ومن أحسن ما يفتح لك الباب في فهم الفاتحة حديث أبي هريرة الذي في صحيح مسلم قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: ((يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد (الحمد لله رب العالمين) قال الله: حمدني عبدي، فإذا قال: (مالك يوم الدين) قال الله: مجدني عبدي، فإذا قال: (إياك نعبد وإياك نستعين) قال الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: (اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل)) انتهى الحديث. (اخرجه مسلم).