سُورَة الفَلق
وقال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ ناصر السنة، قامع البدعة، تقى الدين أحمد بن تيمية نفعنا المولى بعلومه ـ وهو مما كتبه في القلعة :

فصل


في ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾
قال تعالى :﴿ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى ﴾ [ الأنعام : ٩٥ ]، وقال تعالى :﴿ فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا ﴾ [ الأنعام : ٩٦ ]، والفلق : فعل بمعنى مفعول، كالقبض بمعنى المقبوض. فكل ما فلقه الرب فهو فلق. قال الحسن : الفَلْقُ : كل ما انفلق عن شيء، كالصبح، والحب، والنوى.
قال الزجاج : وإذا تأملت الخلق، بان لك أن أكثره عن انفلاق/كالأرض بالنبات والسحاب بالمطر.
وقد قال كثير من المفسرين : الفْلَقُ : الصبح، فإنه يقال : هذا أبين من فلق الصبح، وفرق الصبح.
وقال بعضهم : الفَلْقُ : الخلق كله، وأما من قال : إنه واد في جهنم أو شجرة في جهنم، أو أنه اسم من أسماء جهنم، فهذا أمر لا تعرف صحته، لا بدلالة الاسم عليه، ولا بنقل عن النبي ﷺ ولا في تخصيص ربوبيته بذلك حكمة، بخلاف ما إذا قال : رب الخلق، أو رب كل ما انفلق، أو رب النور الذي يظهره على العباد بالنهار، فإن في تخصيص هذا بالذكر ما يظهر به عظمة الرب المستعاذ به، وإذا قيل : الفلق يعم ويخص، فبعمومه للخلق أستعيذ من شر ما خلق، وبخصوصه للنور النهارى أستعيذ من شر غاسق إذا وقب.


الصفحة التالية
Icon