الكرامة: هي أمر خارق للعادة يجريه الله تعالى على أيدي الأولياء لكن لها مواصفات وهي أن الوليّ لا يستطيع تكرار هذه الكرامة لأنها لا تقتون بدعوة نبوة، ثم إن الكرامة تثبيت للولي وليس للناس كما في حال المعجزة، والوليّ يستحي من إظهار الكرامة وإذا ظهرت نبّه الناس إلى فاعلها الحقيقي وهو الله تعالى ثم إن الولاية تترتب على الايمان الذي هو في القلب ولا يعلمه إلا الله تعالى فالكرامة تُمنح ولا تُطلب.
الخارقة: أمر خارق للعادة يجريه الشيطان على أيدي أوليائه (المعالجة بالإيحاء) كما قال تعالى في قصة موسى مع فرعون (يخيّل إليه من سحرهم أنها تسعى) وهذه الخارقة أو المعالجة بالإيحاء يستخدمها الأطباء في هذا العصر من باب الطب الحديث لشفاء المرضى يحبث يستثيرون قوة المناعة في الجسد. ولعل من أمثلة هذه الخوارق ما نراه في الهند من الذين يعبدون البقر ويمشون على النار أو على الماء فهذا مما يجريه الشيطان على أيدي أوليائه.
(أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ) هل هناك خالق غير الله تعالى؟
الخلق في القرآن يأتي بمعنيين في القرآن الكريم:
أولهما الخلق بمعنى التصرف والإيجاد المطلق وهذا لله تعالى فقط والايجاد من عدم هو فعل الله تعالى فقط كما خلق تعالى آدم وخلق الماء والروح والتراب وكل الموجودات في الكون.
وثانيهما الخلق بمعنى التصرف والإيجاد المقيّد. وهذا للبشر لأنه يخلق من موجودات في الكون وخلق البشر هو عبارة عن تصوره لشيء ثم يخلق هذا الشيء من خامات موجودة فعلاً.
والفرق بين خلق الله تعالى المطلق وخلق البشر المقيّد هو:
v أن الله تعالى يخلق من عدم أما البشر فيخلق من خامات موجودة في الكون.
v أن خلق الله تعالى يتكاثر لأن الله تعالى خلق الكائنات وأوجد لها القدرة على التكاثر (تكاثر فردي كالخلايا وتكاثر زوجي وغيرها) أما خلق الانسان فليس له قدرة على التكاثر بنفسه. الاستنساخ لا يعتبر خلقاً وإنما هي خلية تتكاثر والله تعالى هو الذي أعطى هذه الخلية القدرة على التكاثر وليس البشر.
v خلق الله تعالى له القدرة على النمو فيخلق الانسان طفلاً ثم يكبر فيصبح شاباً ثم يشيخ ويهرم ثم يموت فله عمر محدد وأجل مسمى أما خلق البشر فليس له هذه القدرة على النمو وليس له عمر.
فكلمة خلق تطلق على معنى عام وهو الخلق من عدم وهذه قدرة الله تعالى وحده وتطلق على معنى خاص وهو خلق الانسان المحدود وهو ليس من عدم وليس له قدرة على التكاثر ولا النمو.
الله تعالى لديه ما يسمى بالحياة وهي تحويل الكائن المادي الصامت الميت إلى حيّ ينمو ويتكاثر أما الانسان فيخلق تمثال أي الهيئة فقط ولهذا قال تعالى على لسان عيسى u (وأخلق لكم من الطين كهيئة الطير) في هذه المرحلة خلق عيسى u هيئة الطير ولم يخلق طيراً وهذه الهيئة صارت طيراً بإذن الله في المرحلة الثانية (فيكون طيراً بإذن الله) سميّ طيراً لما نفخت فيه الروح بإذن الله تعالى.
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧)) خلق تعالى الانسان أولاً على شكل هيئة ثم سواه ثم عدله بكل الوظائف الحيوية بقي أن يجعله في الصورة المناسبة التي اختارها الله تعالى له فقال (فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨)) نحن الصور والانسان الحقيقي هو من أسرار الحياة التي أودعها الله تعالى في الكائنات. فالذي يموت تكون جثته هي صورة الانسان أما الانسان الحقيقي الذي كان فيه يصعد إلى الله تعالى وقال تعالى (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)) هؤلاء الشهداء والؤمنون أحياء عند ربهم يرزقون والكافرون أحياء عند ربهم لكنهم لا يرزقون وإنما يعذبون بدليل قوله تعالى (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦)) ونحن نرى أجساد الفراعنة محنطة في المتاحف أمامنا فالجسد يمر بمراحل تكوينية طينية ثم تعود للتراب أما الانسان الحقيقي فهو عند الله تعالى.
فالهيئة هي الشيء الذي يمكن للإنسان أن يعمله وتحتاج إلى خلق لكنه مقيّد على قدرة الانسان (وعلّم آدم الأسماء كلها) العلم الاستنتاجي التراكمي الذي يفرّق الانسان عن الحيوان. أودع الله تعالى العقل البشري القدرة على الاستنتاج أما الجنّ وباقي المخلوقات فليس لها قدرة على الاستنتاج. العلم عند الانسان تراكمي يمكنه من أن يصنع الشيء من مشاهداته (كالسيارة والطائرة والغواصة) لكنه لا يصنع الشيء.
================
من صور الإعجاز الفني في القرآن ( ١ - ٢ )
(الشبكة الإسلامية)