(١٤) سورة إبراهيم
أضيفت هذه السورة إلى اسم إبراهيم - عليه السلام - فكان ذلك اسما لها لا يعرف لها غيره. ولم أقف على إطلاق هذا الاسم عليها في كلام النبي - ﷺ - ولا في كلام أصحابه في خبر مقبول.
ووجه تسميتها بهذا وإن كان ذكر إبراهيم - عليه السلام - جرى في كثير من السور أنها من السور ذوات ﴿ألر﴾. وقد ميز بعضها عن بعض بالإضافة إلى أسماء الأنبياء - عليهم السلام - التي جاءت قصصهم فيها، أو إلى مكان بعثة بعضهم وهي سورة الحجر، ولذلك لم تضف سورة الرعد إلى مثل ذلك لأنها متميزة بفاتحتها بزيادة حرف ميم على ألف ولام وراء.
وهي مكية كلها عند الجمهور. وعن قتادة إلا آيتي ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً﴾ إلى قوله: ﴿وَبِئْسَ الْقَرَارُ﴾ [سورة إبراهيم: ٢٨]، وقيل: إلى قوله: ﴿فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ﴾ [سورة إبراهيم: ٣٠]. نزل ذلك في المشركين في قضية بدر، وليس ذلك إلا توهما كما ستعرفه.
نزلت هذه السور بعد سورة الشورى وقبل سورة الأنبياء. وقد عدت السبعين في ترتيب السور في النزول.
وعدت آياتها أربعا وخمسين عند المدنين وخمسين عند أهل الشام، وإحدى وخمسين عند أهل البصرة. واثنتين وخمسين عند أهل الكوفة.
واشتملت من الأغراض على أنها ابتدأت بالتنبيه إلى إعجاز القرآن، وبالتنويه بشأنه، وأنه أنزل لإخراج الناس من الضلالة. والامتنان بأن جعله بلسان العرب. وتمجيد الله تعالى الذي أنزله. ووعيد الذين كفروا به بمن أنزل عليه.
وإيقاظ المعاندين بأن محمد - ﷺ - ما كان بدعا من الرسل. وأن كونه بشرا أمر غير مناف لرسالته من عند الله كغيره من الرسل. وضرب له مثلا برسالة موسى - عليه السلام - إلى فرعون لإصلاح حال بني إسرائيل وتذكيره قومه بنعم الله ووجوب شكرها وموعظته إياهم بما حل بقوم نوح وعاد ومن بعدهم وما لاقته رسلهم من التكذيب.
وكيف كانت عاقبة المكذبين.
وإقامة الحجة على تفرد الله تعالى بالإلهية بدلائل مصنوعاته وذكر البعث وتحذير الكفار من تغرير قادتهم وكبرائهم بهم من كيد الشيطان وكيف يتبرأون منهم يوم الحشر ووصف حالهم وحال المؤمنين يومئذ.