(٤٢) سورة الشورى
اشتهرت تسميتها عند السلف حم عسق، وكذلك ترجمها البخاري في كتاب التفسير والترمذي في جامعه، وكذلك سميت في عدة من كتب التفسير وكثير من المصاحف. وتسمى سورة الشورى بالألف واللام كما قالوا سورة المؤمن، وبذلك سميت في كثير من المصاحف والتفاسير، وربما قالوا سورة شورى بدون ألف ولام حكاية للفظ القرآن. وتسمى سورة عسق بدون لفظ ﴿حم﴾ لقصد الاختصار. ولم يعدها في الإتقان في عداد السور ذات الاسمين فأكثر. ولم يثبت عن النبي - ﷺ - شيء في تسميتها.
وهي مكية كلها عند الجمهور، وعدها في الإتقان في عداد السور المكية، وقد سبقه إلى ذلك الحسن بن الحصار في كتابه في الناسخ والمنسوخ كما عزاه إليه في الإتقان.
وعن ابن عباس وقتادة استثناء أربع آيات أولاها قوله ﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: ٢٣] إلى آخر الأربع الآيات.
وعن مقاتل استثناء قوله تعالى ﴿ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ إلى قوله ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [الشورى: ٢٤]. رؤي أنها نزلت في الأنصار وهي داخلة في الآيات الأربع التي ذكرها ابن عباس. وفي أحكام القرآن لابن الفرس عن مقاتل: أن قوله تعالى ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ﴾ [الشورى: ٢٧] الآية نزل في أهل الصفة فتكون مدنية، وفيه عنه أن قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ إلى قوله ﴿مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [الشورى: ٤١، ٣٩] نزل بالمدينة.
نزلت بعد سورة الكهف وقبل سورة إبراهيم وعدت التاسعة والستين في ترتيب نزول السور عند الجعبري المروي عن جابر بن زيد. وإذا صح أن آية ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا﴾ [الشورى: ٢٨] نزلت في انحباس المطر عن أهل مكة كما قال مقاتل تكون السورة نزلت في حدود سنة ثمان بعد البعثة، ولعل نزولها استمر إلى سنة تسع بعد أن آمن نقباء الأنصار ليلة العقبة فقد قيل: إن قوله ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: ٣٨] أريد به الأنصار قبل الهجرة النبي - ﷺ - إلى المدينة.
وعدت آيها عند أهل المدينة ومكة والشام والبصرة خمسين، وعند أهل الكوفة ثلاثا وخمسين.
أغراض هذه السورة
أول أغراضها الإشارة إلى تحدي الطاعنين في أن القرآن وحي من الله بأن يأتوا بكلام مثله، فهذا التحدي لا تخلو عنه السور المفتتحة بالحروف الهجائية المقطعة، كما تقدم في سورة البقرة. واستدل الله على