(٥٠) سورة ق
سميت في عصر الصحابة سورة ق ينطق بحروف: قاف، بقاف، وألف، وفاء.
فقد روى مسلم عن قطبة بن مالك أن النبي - ﷺ - قرأ في صلاة الصبح سورة ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾ [قّ: ١] وربما قال: ﴿ق﴾ ويعني في الركعة الأولى.
وروى مسلم عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان ما أخذت ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾ إلا عن لسان رسول الله - ﷺ - يقرؤها كل يوم على المنبر إذ خطب الناس.
وروى مسلم عن جابر بن سمرة أن النبي - ﷺ - كان يقرأ في الفجر ب ﴿قاف وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾ هكذا رسم قاف ثلاث أحرف، وقوله في الفجر يعني به صلاة الصبح لأنها التي يصليها في المسجد في الجماعة فأما نافلة الفجر فكان يصليها في بيته.
وفي الموطأ ومسلم أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي: ما كان يقرأ به رسول الله - ﷺ - في الأضحى والفطر؟ فقال: كان يقرأ فيهما ب ﴿قاف﴾ هكذا رسم قاف ثلاثة أحرف مثل ما رسم حديث جابر بن سمرة و ﴿وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾ و ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [القمر: ١]
وهي من السور التي سميت بأسماء الحروف الواقعة في ابتدائها مثل طه وص. و ق. ويس لانفراد كل سورة منها بعدد الحروف الواقعة في أوائلها بحيث إذا دعيت بها لا تلتبس بسورة أخرى.
وفي الإتقان أنها تسمى سورة الباسقات. هكذا بلام التعريف، ولم يعزه لقائل والوجه أن تكون تسميتها هذه على اعتبار وصف لموصوف محذوف، أي سورة النخل الباسقات إشارة إلى قوله ﴿وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ﴾ [قّ: ١٠]. وهذه السورة مكية كلها قال ابن عطية: بإجماع من المتأولين.
وفي تفسير القرطبي والإتقان عن ابن عباس وقتادة والضحاك: استثناء آية ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾ [قّ: ٣٨] أنها نزلت في اليهود، يعني في الرد عليهم إذ قالوا: إن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استراح في اليوم السابع وهو يوم السبت، يعني أم مقالة اليهود سمعت بالمدينة، يعني: وألحقت بهذه السورة لمناسبة موقعها. وهذا المعنى وان كان معنى دقيقا في الآية فليس بالذي يقتضي أن يكون نزول الآية في المدينة فإن الله علم ذلك فأوحى به الى رسوله - ﷺ - على أن بعض آراء اليهود كان مما يتحدث به أهل مكة قبل الإسلام يتلقونه تلقي القصص والأخبار. وكانوا بعد البعثة يسألون اليهود عن أمر النبوة والأنبياء، على أن إرادة الله إبطال أوهام اليهود لا تقتضي أن يؤخر إبطالها الى سماعها بل قد يجيء ما يبطلها قبل فشوها في الناس كما في قوله تعالى {وَمَا قَدَرُوا


الصفحة التالية
Icon