(٦٢) سورة الجمعة
سميت هذه السورة عند الصحابة وفي كتب السنة والتفاسير "سورة الجمعة" ولا يعرف لها اسم غير ذلك. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: كنا جلوسا عند النبي فأنزلت عليه سورة الجمعة الحديث. وسيأتي عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: ٣].
ووجه تسميتها وقوه لفظ ﴿الْجُمُعَةِ﴾ [الجمعة: ٩] فيها وهو اسم لليوم السابع من أيام الأسبوع في الإسلام.
وقال ثعلب: إن قريشا كانت تجتمع فيه عند قصي بدار الندوة. ولا يقتضي في ذلك أنهم سموا ذلك اليوم الجمعة.
ولم أر في كلام العرب قبل الإسلام ما يثبت أن اسم الجمعة أطلقوه على هذا اليوم.
وقد أطلق اسم ﴿الجمعة﴾ على الصلاة المشروعة فيه على حذف المضاف لكثرة الاستعمال. وفي حديث ابن عمر أن رسول الله - ﷺ - قال: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل"، ووقع في كلام عائشة كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم والعوالي الخ.
وفي كلام أنس كنا نقيل بعد الجمعة، ومن كلام ابن عمر كان رسول الله لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف، أي من المسجد. ومن كلام سهل بن سعد ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة. فيحتمل أن يكون لفظ الجمعة الذي في اسم هذه السورة معنيا به صلاة الجمعة لأن في هذه السورة أحكاما لصلاة الجمعة. ويحتمل أن يراد به يوم الجمعة لوقوع لفظ يوم الجمعة في السورة في آية صلاة الجمعة.
وهي مدنية بالاتفاق.
ويظهر أنها نزلت سنة ست وهي سنة خيبر، فظاهر حديث أبي هريرة الذي أشرنا إليه آنفا أن هذه السورة نزلت بعد فتح خيبر لأن أبا هريرة أسلم يوم خيبر.
وظاهره أنها نزلت دفعة واحدة فتكون قصية ورود العير من الشام هي سبب نزول السورة وسيأتي ذكر ذلك.
وكان فرض صلاة الجمعة متقدما على وقت نزول السورة فإن النبي - ﷺ - فرضها في خطبة خطب بها للناس وصلاها في أول يوم جمعة بعد يوم الهجرة في دار لبني سالم بن عوف. وثبت أن أهل المدينة صلوها قبل قدوم رسول الله - ﷺ - المدينة كما سيأتي. فكان فرضها ثابتا بالسنة قولا وفعلا. وما ذكر في هذه السورة


الصفحة التالية
Icon