(٦٦) سورة التحريم
سورة ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ [التحريم: ١] الخ سميت سورة التحريم في كتب السنة وكتب التفسير. ووقع في رواية أبي ذر الهروي لصحيح البخاري تسميتها باسم سورة اللم تحرم بتشديد اللام، وفي الإتقان وتسمى سورة اللم تحرم، وفي تفسير الكواشي أي بهمزة وصل وتشديد اللام مكسورة وبفتح الميم وضم التاء محققه وتشديد الراء مكسورة بعدها ميم على حكاية جملة ﴿لم تحرم﴾ وجعلها بمنزلة الاسم وإدخال لام تعريف العهد على ذلك اللفظ وإدغام اللامين.
وتسمى سورة النبي - ﷺ - وقال الآلوسي: إن ابن الزبير سماها سورة النساء. قلت ولم أقف عليه ولم يذكر صاحب الإتقان هذين في أسمائها.
واتفق أهل العدد على أن عدة آيها اثنتا عشرة.
وهي مدنية. قال ابن عطية: بإجماع أهل العلم وتبعه القرطبي. وقال في الإتقان عن قتادة: إن أولها إلى تمام عشر آيات وما بعدها مكي، كما وقعت حكاية كلامه. ولعله أراد إلى عشر آيات، أي أن الآية العاشرة من المكي إذ من البعيد أن تكون الآية العاشرة مدنية والحادية عشر مكية.
وهي معدودة الخامسة بعد المائة في عداد نزول سور القرآن نزلت بعد سورة الحجرات وقبل سورة الجمعة.
ويدل قوله: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ [التحريم: ٢] أنها نزلت بعد سورة المائدة كما سيأتي. وسبب نزولها حادثتان حدثتا بين أزواج النبي - ﷺ -.
إحداهما: ما ثبت في الصحيح عن عائشة أن النبي - ﷺ - كان شرب عسلا عند إحدى نسائه اختلف في أنها زينب بنت جحش، أو حفصة، أو أم سلمة، أو سودة بنت زمعة. والأصح أنها زينب. فعلمت بذلك عائشة فتواطأت هي وحفصه على أن أيتهما دخل عليها تقول له إني أجد منك ريح مغافير أكلت مغافير والمغافير صمغ شجر العرفط وله رائحة مختمرة وكان النبي - ﷺ - يكره أن توجد منه رائحة وإنما تواطأتا على ذلك غيرة منهما أن يحتبس عند زينب زمانا يشرب فيه عسلا. فدخل على حفصة فقالت له ذلك، فقال: "بل شربت عسلا عند فلانة ولن أعود له"، أراد بذلك استرضاء حفصة في هذا الشأن وأوصاها أن لا تخبر بذلك عائشة لأنه يكره غضبها فأخبرت حفصة عائشة فنزلت الآيات.
هذا أصح ما روي في سبب نزول هذه الآيات. والتحريم هو قوله: "ولن أعود له" لأن النبي - ﷺ - لا يقول إلا صدقا وكانت سودة تقول لقد حرمناه.