(٦٩) سورة الحاقة
سميت "سورة الحاقة" في عهد النبي - ﷺ -. وروى أحمد بن حنبل أن عمر ابن الخطاب قال خرجت يوما بمكة أتعرض لرسول الله قبل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد الحرام فوقفت خلفه فاستفتح سورة الحاقة فجعلت أعجب من تأليف القرآن فقلت: هذا والله شاعر، أي قلت في خاطري، فقرأ ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ﴾ [الحاقة: ٤١] قلت: كاهن، فقرأ ﴿وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الحاقة: ٤٢-٤٣] إلى آخر السورة، فوقع الإسلام في قلبي كل موقع.
وباسم ﴿الحاقة﴾ عنونت في المصاحف وكتب السنة وكتب التفسير. وقال الفيروز أبادي في "بصائر ذوي التمييز": إنها تسمى أيضا "سورة السلسلة" لقوله: ﴿ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ﴾ [الحاقة: ٣٢] وسماها الجعبري في منظومته في ترتيب نزول السور الواعية ولعله أخذه من وقوع قوله: ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٢] ولم أر سلفا في هذه التسمية.
ووجه تسميتها "سورة الحاقة" وقوع هذه الكلمة في أولها ولم تقع في غيرها من سور القرآن.
وهي مكية بالاتفاق. ومقتضى الخبر المذكور عن عمر بن الخطاب أنها نزلت في السنة الخامسة قبل الهجرة فإن عمر أسلم بعد هجرة المهاجرين إلى الحبشة وكانت الهجرة إلى الحبشة سنة خمس قبل الهجرة إلى المدينة.
وقد عدت هذه السورة السابعة والسبعين في عداد ترتيب النزول. نزلت بعد سورة تبارك وقبل سورة المعارج.
واتفق العادون من أهل الأمصار على عد آيها إحدى وخمسين آية.
أغراضها
اشتملت هذه السورة على تهويل يوم القيامة. وتهديد المكذبين بوقوعه.
وتذكيرهم بما حل بالأمم التي كذبت به من عذاب في الدنيا ثم عذاب الآخرة وتهديد المكذبين برسل الله تعالى بالأمم التي أشركت وكذبت.
وأدمج في ذلك أن الله نجى المؤمنين من العذاب، وفي ذلك تذكير بنعمة الله على البشر إذ أبقى نوعهم بالإنجاء من الطوفان.
ووصف أهوال من الجزاء وتفاوت الناس يومئذ فيه، ووصف فظاعة حال العقاب على الكفر وعلى نبذ شريعة الإسلام، والتنويه بالقرآن.


الصفحة التالية