(٨٨) سورة الغاشية
سميت في المصاحف والتفاسير "سورة الغاشية". وكذلك عنونها الترمذي في كتاب التفسير من "جامعه"، لوقوع لفظ ﴿الْغَاشِيَةِ﴾ في أولها.
وثبت في السنة تسميتها ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾، ففي "الموطأ" أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير بم كان رسول الله يقرأ في الجمعة مع سورة الجمعة؟ قال: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾. وهذا ظاهر في التسمية لأن السائل سأل عما يقرأ مع سورة الجمعة فالمسؤول عنه السورة الثانية، وبذلك عنونها البخاري في كتاب التفسير من "صحيحه".
وربما سميت "سورة هل أتاك" بدون كلمة ﴿حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾. وبذلك عنونها ابن عطية في "تفسيره" وهو اختصار.
وهي مكية بالاتفاق.
وهي معدودة السابعة والستين في عداد نزول السور نزلت بعد سورة الذاريات وقبل سورة الكهف.
وآياتها ست وعشرون.
أغراضها
اشتملت هذه السورة على تهويل يوم القيامة وما فيه من العقاب قوم مشوهة حالتهم، ومن ثواب قوم ناعمة حالتهم وعلى وجه الإجمال المرهب أو المرغب.
والإيماء إلى ما يبين ذلك الإجمال كله بالإنكار على قوم لم يهتدوا بدلالة مخلوقات من خلق الله وهي نصب أعينهم، على تفرده بالإلهية فيعلم السامعون أن الفريق المهدد هم المشركون.
وعلى إمكان إعادته بعض مخلوقاته خلقا جديدا بعد الموت يوم البعث.
وتثبيت النبي - ﷺ - على الدعوة إلى الإسلام وأن لا يعبأ بإعراضهم.
وأن وراءهم البعث فهم راجعون إلى الله فهو مجازيهم على كفرهم وإعراضهم. (١)
مناسبتها لما قبلها
ختمت سورة « الأعلى » بالحديث عن الآخرة، وعن أنها الحياة الخالدة الباقية، التي تستحق أن يعمل الإنسان لها، ويؤثرها على الدنيا، إيثار الحقّ على الباطل، والعظيم على الحقير، والباقي على الفاني.. ولكن حب الدنيا قد غلب على أكثر الناس، فصرفوا همهم كله إلى الدنيا، ولم يعطوا الحياة الآخرة شيئا

(١) - التحرير والتنوير لابن عاشور - (٣٠ / ٢٦٠)


الصفحة التالية
Icon