(٩٢) سورة الليل
سميت هذه السورة في معظم المصاحف وبعض كتب التفسير سورة الليل بدون واو، وسميت في معظم كتب التفسير سورة والليل بإثبات الواو، وعنونها البخاري والترمذي سورة "والليل إذا يغشى".
وهي مكية في قول الجمهور، واقتصر عليه كثير من المفسرين، وحكى ابن عطية عن المهدوي أنه قيل: إنها مدنية، وقيل بعضها مدني، وكذلك ذكر الأقوال في الإتقان، وأشار إلى أن ذلك لما روي من سبب نزول قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴾ [الليل: ٥] إذ روي أنها نزلت في أبي الدحداح الأنصاري في نخلة كان يأكل أيتام من ثمرها وكانت لرجل من المنافقين فمنعهم من ثمرها فاشتراها أبو الدحداح بنخيل فجعلها لهم وسيأتي.
وعدت التاسعة في عداد نزول السور، نزلت بعد سورة الأعلى وقبل سورة الفجر.
وعدد آيها عشرون.
أغراضها
احتوت على بيان شرف المؤمنين وفضائل أعمالهم ومذمة المشركين ومساويهم وجزاء كل.
وأن الله يهدي الناس إلى الخير فهو يجزي المهتدين بخير الحياتين والضالين بعكس ذلك.
وأنه أرسل رسوله - ﷺ - للتذكير بالله وما عنده فينتفع من يخشى فيفلح ويصدف عن الذكرى من كان شقيا فيكون جزاؤه النار الكبرى وأولئك هم الذين صدهم عن التذكر إيثار حب ما هم فيه في هذه الحياة.
وأدمج في ذلك الإشارة إلى دلائل قدرة الله تعالى وبديع صنعه. (١)
مناسبتها لما قبلها
أقسم سبحانه فى سورة « الليل »، بالليل إذا يغشى، وبالنهار إذا تجلى.. وبدأ بالقسم بالليل، ثم أعقبه بالقسم بالنهار.. وهنا يقسم اللّه سبحانه بالنهار أولا « والضحى » ثم بالليل ثانيا.. « ولليل إذا سجى » وبهذا يتوازن الليل والنهار، فيقدّم أحدهما فى موضع ويقدم الآخر فى موضع، ولكل من التقديم والتأخير فى الموضعين مناسبته.. وقد أشرنا من قبل إلى المناسبة فى تقديم الليل على النهار فى سورة الليل، وسترى هنا المناسبة فى تقديم النهار على الليل.. (٢)
مقدمة وتمهيد

(١) - التحرير والتنوير لابن عاشور - (٣٠ / ٣٣٣)
(٢) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ١٥٩٨)


الصفحة التالية
Icon