(١١٠) سورة النصر
سميت هذه السورة في كلام السلف "سورة إذا جاء نصر الله والفتح". روى البخاري إن عائشة قالت: "لما نزلت سورة إذا جاء نصر الله والفتح" الحديث.
وسميت في المصاحف وفي معظم التفاسير "سورة النصر" لذكر نصر الله فيها، فسميت بالنصر المعهود عهدا ذكريا.
وهي معنونة في "جامع الترمذي" "سورة الفتح" لوقوع هذا اللفظ فيها فيكون هذا الاسم مشتركا بينها وبين ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً﴾.
وعن ابن مسعود أنها تسمى سورة التوديع في "الإتقان" لما فيها من الإيماء إلى وداعه - ﷺ - اهـ. يعني من الإشارة إلى اقتراب لحاقه بالرفيق الأعلى كما سيأتي عن عائشة.
وهي مدنية بالاتفاق. واختلف في وقت نزولها فقيل نزلت منصرف النبي - ﷺ - من خيبر أي في سنة سبع، ويؤيده ما رواه الطبري والطبراني عن ابن عباس بينما رسول الله - ﷺ - بالمدينة نزلت ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ قال رسول الله - ﷺ - :"الله أكبر جاء نصر الله والفتح وجاء نصر أهل اليمن" فقال رجل: يا رسول الله وما أهل اليمن؟ قال: "قوم رقيقة قلوبهم، لينة طباعهم، الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية" اهـ، ومجيء أهل اليمن أول مرة هو مجيء وفد الأشعريين عام غزوة خيبر.
ولم يختلف أهل التأويل أن المراد بالفتح في الآية هو فتح مكة وعليه فالفتح مستقبل دخول الناس في الدين أفواجا مستقبل أيضا وهو الأليق باستعمال إذا ويحمل قول النبي - ﷺ - جاء نصر الله والفتح على أنه استعمال الماضي في معنى المضارع لتحقق وقوعه أو لأن النصر في خيبر كان بادرة لفتح مكة.
وعن قتادة: نزلت قبل وفاة رسول الله - ﷺ - بسنتين. وقال الواحدي عن ابن عباس نزلت منصرفه من حنين، فيكون الفتح قد مضى ودخول الناس في الدين أفواجا مستقبلا، وهو في سنة الوفود سنة تسع، وعليه تكون "إذا" مستعملة في مجرد التوقيت دون تعيين.
وروى البزاز والبيهقي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن ابن عمر أنها أنزلت أواسط أيام التشريق أي عام حجة الوداع. وضعفه ابن رجب بأن فيه موسى ابن عبيدة وهو ضعيف. وقال أحمد بن حنبل: لا تحل الرواية عنه وإن صحت هذه الرواية كان الفتح ودخول الناس في الدين أفواجا قد مضيا.
وعن ابن عمر أن رسول الله - ﷺ - عاش بعد نزولها نحو ثلاثة أشهر وعليه تكون "إذا" مستعملة للزمن الماضي لأن الفتح ودخول الناس في الدين قد وقعا.