وبحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه قرأها على الحجر، ووثب به قريش، وكانت الصحابة ينهونه أن يعلن بالقرآن. فقالت الصحابة رضي الله عنهم بعد ما جرى عليه: أم ننهك عن ذلك؟ فقال: والله لئن عاد أعداء الله لأعودن.
فهذا دلالة على تنزيلها بمكة.
وليس فها ناسخ ولا منسوخ.
سورة الواقعة
نزلت بمكة.
وقد اجتمع المفسرون كلهم أن: لا ناسخ فيها ولا منسوخ. إلا ما قال مقاتل بن سليمان، فإنه قال: فيها منسوخ، وهو قوله تعالى: (ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلينَ. وَقَليلٌ مِنَ الآخِرينَ).
نسخها قوله تعالى: (ثُلَّةٌ مِن الأَوَّلينَ. وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرينَ).
سورة الحديد
وهي مما اختلف في تنزيلها: فقيل: نزلت بمكة.
والقائلون بهذا يحتجون: أنها القرآن الذي لقنه خباب بن الأرت لأخت عمر بن الخطاب وزوجها سعيد بن زيد.
وقال آخرون: نزلت بالمدينة.
وليس فيها ناسخ ولا منسوخ.
سورة المجادلة
نزلت بالمدينة بإجماعهم.
وفيها بآية منسوخة.
وهي إحدى الفضائل عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، لأنه روي عنه أنه قال: في كتاب الله آية ما عمل بها أحد من قبلي ولا بعدي إلى يوم القيامة. فقيل: ما هي؟ فقال: إن رسول الله ﷺ لما كثر عليه المسائل فخاف أن تفرض على أمته، فعلم الله ذلك، فأنزل الله تعالى: (يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا إِذا ناجَيتُمُ الرَسولَ فَقَدِّموا بَينَ يَدَي نَجواكُم صَدَقَةً ذلِكَ خَيرٌ لَكُم وَأَطهَرُ فَإِن لَم تَجِدوا فَإِنَّ اللَهَ غَفورٌ رَحيم). فأمسكوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال علي رضي الله عنه: ولم أملك إذ ذاك إلا ديناراً، فصرفته بعشرة دراهم، فكنت كلما أردت أسأله مسألة تصدقت بدرهم، حتى لم يبق معي غير درهم واحد، فتصدقت به وسألته، فنسخت الآية.
وناسخها قوله تعالى: (أِأَشفَقتُم أضن تُقَدِّموا بَينَ يَدَي نَجواكُم صَدَقات فَإِذا لَم تَفعَلوا وَتابَ اللَه عَلَيكُم فَأَقيموا الصَلوة وَآتوا الزَكوةَ وَأَطيعوا اللَهَ وَرَسولَهُ وَاللَه خَبيرٌ بِما تَعلَمون).
فصارت ناسخة لها.
واختص بفضلها علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
سورة الحشر
نزلت بالمدينة.
وفيها ناسخ ولي فيها منسوخ، وهي قوله تعالى: (ما أَفاءَ اللَهَ عَليَ رَسولِهِ مِن أَهلِ القُرى فَلِلَّهِ وَلِلَّرسولِ).
سورة الامتحان الممتحنة
نزلت بالمدينة بإجماعهم في شأن حاطب بن أبي بلتعة وقصته في ذلك، وفي شأن سبيعة بنت الحارث.
وفيها ثلاث آيات منسوخات: الآية الأولى: قوله تعالى: (لا يَنهاكُم اللَهُ عَن الَّذينَ لضم يُقاتِلوكُم في الدينِ).
نسخت بالآية التي تليها، وهي قوله تعالى: (إِنّما يَنهاكُم اللَهُ عَن الَّذينَ قاتَلوكُم في الدين).
نسخ معنى الآيتين بآية السيف.
الآية الثانية: قوله تعالى: (يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا إِذا جاءَكُم المُؤمِناتُ مهاجِراتٍ).
وذلك: أن رسول الله ﷺ شرط لقريش: أن من جاءه من عندهم رده إليهم، ومن جاء إليهم لم يردوه إليه.
فكان هذا شرطا شديداً صعب على المسلمين، ولكن لطاعتهم لله ولرسوله صبرا على ما أمضاه من ذلك.
فلما فعل النبي ﷺ ذلك بعد بيعة الرضوان إذا بامرأة من قريش - يقال لها: سبيعة بنت الحرث - تقول: يا رسول الله، قد جئتك مؤمنة بالله مصدقة ما جئت به. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (نعم ما جئت به، ونعم ما صدقت به). فأنزل الله تعالى فيها: (يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا إِذا جاءَكُمُ المُؤمِناتُ مُهاجِراتٍ) الآية. فسماها الله تعالى مؤمنة، وأثبت لها الهجرة، ثم قال: (فَاِمتَحِنوهُنَّ اللَهُ أَعلَمُ بِإيمانِهِنَّ).
وامتحانها: تحلف بالله ما أخرجها غيرة على زوج، ولا عداوة لبيت أحماء.
فإذا حلفت فقد امتحنت، فعلى المحلوف له أن يقبله.
وقد روي عن النبي ﷺ أنه قال: (من حلف له فلم يصدق لم يرد علي الحوض).
وهو تأويل قوله: (اللَهُ أَعلَمُ بِإيمانِهِنَّ).
وقوله تعالى: (فَإِن عَلِمتُموهُنَّ مُؤمِناتٍ) إذا حلفن لكم (فَلا تَرجِعوهُنَّ إِلى الكُفّار) أي بين الكفار، قد انقطعت عصمتها عن زوجها (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُم) لا تحل لزوجها الكافر، ولا هو حل لها.


الصفحة التالية
Icon