بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير القرآن بالسنة هو المصدر الثاني من مصادر التفسير بالمأثور، وهو مصدر متفق عليه، وقد دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة، كما دل على ذلك النظر الصحيح.
فأما الكتاب فقد قال تعالى مخاطباً نبيه ﷺ :((وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) (النحل ٤٤).
وهذا نص صريح في بيان الرسول للقرآن.
وأما السنة، فقد روى الإمام أحمد وأبو داود عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال :(( ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه )).
قال ابن القيم رحمه الله بعد أن صحح هذا الحديث : وهذا هو السنة بلا شك(١)أي قوله :(ومثله معه) وكذا قال غيره(٢).
وأما النظر الصحيح فإن العادة تمنع أن يقرأ قوم كتاباً ولا يستشرحوه، فكيف بكلام الله تعالى الذي فيه عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم، وقيام دينهم ودنياهم.
ولذا كان الصحابة رضي الله عنهم يسألون رسول الله ﷺ عما أشكل عليهم
وقد قسّم الطبري رحمه الله التأويل إلى ثلاثة أقسام، فجعل الأول ما لا يوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول ﷺ، كالأوامر الإلهية، والحقوق والحدود، وما إلى ذلك مما مرجع تفسيره وتبيينه الرسول صلى الله عليه وسلم، إما بنص منه، أو بدلالة قد نصبها دالة على تأويله(٣).
وقال السيوطي :( قال العلماء :
من أراد تفسير الكتاب العزيز طلبه أولاً من القرآن فإن أعياه ذلك طلبه من السنة، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له.
وقد قال الشافعي رحمه الله : كل ما حكم به الرسول ﷺ فهو مما فهمه من القرآن.
(١) التبيان في أقسام القرآن، ص١٥٦.
(٢) انظر : البرهان في علوم القرآن : ٢/١٧٦، والاتقان : ٢/٤٦٧.
(٣) انظر جامع البيان، ١/٥٦.


الصفحة التالية
Icon