موقف الصحابة من هذا الجمع (١)
وبعد أن أنفذ عثمان المصاحف أمر بما سوى مصحفه أن يُحرق وبعث (إلى أهل الأمصار إني قد صنعت كذا وكذا ومحوت ما عندي فامحوا ما عندكم). (٢)
وقد رضي الصحابة رضي الله عنهم ما صنع عثمان وأجمعوا على سلامته وصحته وقال زيد بن ثابت "فرأيت أصحاب محمد يقولون: أحسن والله عثمان، أحسن والله عثمان ". (٣)
وروى ابن أبي داود عن مصعب بن سعد قال: "أدركت الناس متوافرين حين حرَّق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك وقال: لم يُنكر ذلك منهم أحد". (٤)
وروى سويد بن غفلة قال: قال علي - رضي الله عنه - "لا تقولوا في عثمان إلا خيرًا، فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا" (٥) وعند ابن أبي داود قال: قال علي في المصاحف (لو لم يصنعه عثمان لصنعته). (٦)
ولم يُنقل عن أحد من الصحابة خلاف أو معارضة لما فعل عثمان رضي الله عنه، إلا ما روي من معارضة عبد الله بن مسعود وينبغي أن نعلم أنَّ معارضته رضي الله عنه لم تكن بسبب حصول تقصير في الجمع أو نقص أو زيادة وإنما جاءت معارضته لعدم تعيينه مع أعضاء لجنة النسخ للمصاحف، ولهذا قال "أعزَلُ عن نسخِ المصاحف وتَوَلاها رجل والله لقد أسلمت وإنَّه لفي صُلب رجلٍ كافرٍ". (٧)
_________
(١) : دراسات في علوم القرآن: فهد الرومي، ص٩١-٩٣.
(٢) فتح الباري: ابن حجر ج٩، ص٢١.
(٣) غرائب القرآن: النيسابوري، ج١، ص٢٧.
(٤) المصاحف: ابن أبي داود، ص١٩.
(٥) فتح الباري: ابن حجر، ج٩، ص١٨.
(٦) المصاحف: ابن أبي داود، ص: ١٩.
(٧) المرجع السابق، ص٢٤-٢٥، وتفسير القرطبي، ج١، ص٥٢، ٥٣.