أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٥، ص : ٩١
فيه. آخر سورة الحج.
سورة المؤمنين

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قال اللّه تعالى قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ
روى ابن عوف عن محمد بن سيرين قال كان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم إذا صلى رفع رأسه إلى السماء فلما نزلت الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ نكس رأسه
وروى هشام عن محمد قال لما نزلت الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ خفضوا أبصارهم فكان الرجل يحب أن لا يجاوز بصره موضع سجوده وروى عن جماعة الخشوع في الصلاة أن لا يجاوز بصره موضع سجوده وروى عن إبراهيم ومجاهد والزهري الخشوع السكون وروى المسعودي عن أبى سنان عن رجل منهم قال سئل على عن قوله الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ قال الخشوع في القلب وأن تلين كتفك للمرء المسلم ولا تلتفت في صلاتك وقال الحسن خاشعون خائفون قال أبو بكر الخشوع ينتظم هذه المعاني كلها من السكون في الصلاة والتذلل وترك الالتفات والحركة والخوف من اللّه تعالى وقد روى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال اسكنوا في الصلاة وكفوا أيديكم في الصلاة
وقال أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء وأن لا أكف شعرا ولا ثوبا
وأنه نهى عن مس الحصى في الصلاة
وقال إذا قام الرجل يصلى فإن الرحمة تواجهه فإذا التفت انصرفت عنه
وروى الزهري عن سعيد بن المسيب أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يلمح في الصلاة ولا يلتفت
وحدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أبو توبة قال حدثنا معاوية بن سلام عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام قال حدثني السلوى أنه حدثه سهل بن الحنظلية أنهم ساروا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم حنين وذكر الحديث إلى قوله من يحرسنا الليلة قال أنس بن أبى مرثد الغنوي أنا يا رسول اللّه قال فاركب فركب فرسا له فجاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم استقبل هذا الشعب حتى تكون في أعلاه ولا يغرن من قبلك الليلة فلما أصبحنا خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى مصلاه فركع ركعتين ثم قال هل أحسستم فارسكم قالوا يا رسول اللّه ما أحسسناه فثوب بالصلاة فجعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلى وهو يلتفت إلى الشعب حتى إذا قضى صلاته وسلّم قال أبشروا فقد جاءكم فارسكم
فأخبر في هذا الحديث أنه كان يلتفت إلى الشعب وهو في


الصفحة التالية
Icon