أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٥، ص : ٢٦٦
وناس يقولون القرآن علم للساعة آخر سورة الزخرف.
سورة الجاثية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حدثنا عبد اللّه بن محمد قال حدثنا الحسن قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة في قوله تعالى قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ قال نسخها قوله تعالى فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْقوله تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ حدثنا عبد اللّه بن محمد قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة في قوله أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ قال لا يهوى شيئا إلا ركبه لا يخاف اللّه قال أبو بكر وقد روى في بعض الأخبار أن الهوى إله يعبد وتلا قوله تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ يعنى يطيعه كطاعة الإله وعن سعيد بن جبير قال كانوا يعبدون العزى وهو حجر أبيض حينا من الدهر فإذا وجدوا ما هو أحسن منه طرحوا الأول وعبدوا الآخر وقال الحسن اتخذ إلهه هواه يعنى لا يعرف إلهه بحجة عقله وإنما يعرفه بهواه
قوله تعالى وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ قيل هو على التقديم والتأخير أى نحيا ونموت من غير رجوع وقيل نموت ويحيا أولادنا كما يقال ما مات من خلف ابنا مثل فلان وقوله وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ فإنه حدثنا عبد اللّه بن محمد قال حدثنا الحسن قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة في قوله وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ قال قال ذلك مشركو قريش قالوا ما يهلكنا إلا الدهر يقولون إلا العمر قال أبو بكر هذا قول زنادقة قريش الذين كانوا ينكرون الصانع الحكيم وإن الزمان ومضى الأوقات هو الذي يحدث هذه الحوادث والدهر اسم يقع على زمان العمر كما قال قتادة يقال فلان يصوم الدهر يعنون عمره كله ولذلك قال أصحابنا إن من حلف لا يكلم فلانا الدهر أنه على عمره كله وكان ذلك عندهم بمنزلة قوله واللّه لا أكلمك الأبد واما قوله لا أكلمك دهرأ فإن ذلك عند أبى يوسف ومحمد على ستة أشهر ولم يعرف أبو حنيفة معنى دهرا فلم يجب فيه بشيء وقد روى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم حديث في بعض ألفاظه لا تسبوا الدهر فإن اللّه هو الدهر
فتأوله أهل العلم على أن أهل الجاهلية كانوا ينسبون الحوادث المجحفة والبلايا النازلة والمصائب المتلفة إلى الدهر فيقولون فعل الدهر بنا وصنع بنا ويسبون الدهر كما